للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نطق في القدر رجل من أهل العراق يقال له: سوسن كان نصرانيا فأسلم، ثم تنصر فأخذ عنه معبد الجهني وأخذ غيلان عن معبد" (١).

ومعبد هذا كان ينسب إلى الزهد، وهو الذي أظهر القول بنفي القدر وخرج إلى المدينة وأفسد بها أناسا، وقد حذر منه الأئمة كطاووس والحسن وابن عون (٢) وقد قتله الحجاج صبرا مع ابن الأشعث، وقيل إن عبد الملك بن مروان الذي صلبه ثم قتله سنة (٨٠ هـ) (٣) وقد بلغ خبر إنكارهم للقدر عبد الله بن عمر كما في صحيح مسلم عن يحيى بن يعمر قال: "كان أول من قال في القدر بالبصرة معبد الجهني، فانطلقت أنا وحميد الحميري حاجين أو معتمرين فقلنا: لو لقينا أحدا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فسألناه عما يقول هؤلاء في القدر، فوفق لنا عبد الله بن عمر بن الخطاب داخلا المسجد فاكتنفته أنا وصاحبي أحدنا عن يمينه والآخر عن شماله، فظننت أن صاحبي سيكل الكلام إليَّ فقلت: أبا عبد الرحمن إنه ظهر قبلنا ناس يقرؤون القرآن ويتقفرون العلم وذكر من شأنهم، وأنهم يزعمون أن لا قدر وأن الأمر أنف، قال: فإذا لقيت أولئك فأخبرهم أني بريئ منهم وأنهم برآء مني، والذي يحلف به عبد الله بن عمر لو أن لأحدهم مثل أحد ذهبا فأنفقه ما قبل الله منه حتى يؤمن بالقدر، ثم فال: حدثني عمر بن الخطاب قال: بينما نحن عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فذكر حديث جبريل (٤). ثم إن معبداً هذا أخذ عنه غيلان بن مسلم (٥) القدري وقد رفع أمره إلى عمر بن عبد العزيز - رحمه الله - فأتي به واستتابه فأظهر توبته فأطلقه فلم يتكلم بنفي القدر زمن عمر بن عبد العزيز، فلما توفي وتولى يزيد بن عبد الملك تكلم غيلان بنفي


(١) الشريعة للآجري ص ٢٤٣، السنة للالكائي ٤/ ٧٥٠.
(٢) انظر: الشريعة للآجري ص ٢٤٢.
(٣) انظر: البداية والنهاية ٩/ ٣٨.
(٤) صحيح مسلم ١/ ٣٧.
(٥) انظر: ترجمته في لسان الميزان ٤/ ٤٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>