للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القدر وكان يزيد لا يهتم بهذا الأمر، فلما ولي هشام بن عبد الملك أحضر غيلان وذكره بتوبته أمام عمر بن عبد العزيز، فقال غيلان: أقلني يا أمير المؤمنين فوالله لا أعود، قال هشام: لا أقالني الله إن أقلتك هل تقرأ فاتحة الكتاب قال: نعم، قال: اقرأ الحمد لله رب العالمين، فقرأ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} قال قف على ما استعنته؟ على أمر بيده لا تستطيعه أو على أمر في يدك. اذهبا فاقطعا يديه ورجليه واضربا عنقه واصلباه (١). ثم لما اعتزلت المعتزلة بقول واصل بن عطاء (٢) في مرتكب الكبيرة بأنه في منزلة بين المنزلتين انضم إليه عمرو بن عبيد (٣) فضموا إلى بدعتهم في الإيمان وإنكَارَهم خروج أحد من النار وخلود أهل الكبائر في النار وإنفاذ الوعيد إنكارهم للقدر.

ونفي القدر كانت له مرحلتان: المرحلة الأولى إنكار العلم السابق وكان على هذا معبد الجهني وبعض القدرية وقد كفرهم الأئمة بهذا، ثم إنهم رجعوا عن هذا وأنكروا المشيئة وخلق الأعمال وعموم القدرة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية عن نفيهم العلم والكتابة السابقة:

"وهذا القول أول ما حدث في الإسلام بعد انقراض عصر الخلفاء الراشدين، وبعد إمارة معاوية بن أبي سفيان في زمن الفتنة التي كانت بين ابن الزبير وبين بني أمية في أواخر عصر عبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وغيرهما من الصحابة، وكان أول من ظهر عنه ذلك بالبصرة معبد الجهني، فلما بلغ الصحابة قول هؤلاء تبرؤا منه وأنكروا مقالتهم كما قال


(١) روى هذا عبد الله بن الإمام أحمد في السنة ٢/ ٤٢٩، واللالكائي في السنة ٤/ ٧١٤ وإسناده حسن فيه مؤمل بن إسماعيل قال عنه في التقريب ص ٣٥٣، صدوق سيء الحفظ.
(٢) انظر: ترجمته في لسان الميزان ٦/ ٢١٤، سير أعلامم النبلاء ٥/ ٤٦٤.
(٣) انظر: ترجمته وذم الأئمة له لبدعته في الكامل لابن عدي ٥/ ١٧٥، الميزان ٣/ ٢٧٣، تاريخ بغداد ١٢/ ١٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>