للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنكرت المعتزلة أنهما مخلوقتان (١)، دليلنا قوله تعالى: {وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا} إلى قوله: {فَأَزَلَّهُمَا (٢) الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ} (٣).

وقوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاّ إِبْلِيسَ أَبَى فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى} (٤).

وقال الله لإبليس: {فَاخْرُجْ (٥) مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ} (٦) فأخبر الله سبحانه أنه أخرج آدم وحواء من الجنة، ثم تاب عليهما ووعدهما أن يردهما إلى الجنة، وأخبر أنه أهبط إبليس وأخرجه من الجنة، وأنه لعنه وآيسه من الرجوع إليها.

وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ} (٧) قال: أي رب لألم تخلقني؟ قال: بلى، قال: أي رب ألم تنفخ في من روحك؟ قال: بلى، قال: أي رب ألم تسبق رحمتك إلي قبل غضبك؟ قال: بلى، قال: أي رب ألم تسكني جنتك؟ قال: بلى، قال: رب أرأيت إن تبت وأصلحت أراجعي أنت إلى الجنة؟ قال: نعم" (٨).

فأما آدم فسأل التوبة فتيب عليه، وأم إبليس فسأل النظرة فانظر.


قال سعيد بن جبير ومجاهد والضحاك: " الكلمات التي تلقها آدم من
(١) المراد أنهم أنكروا مخلوقتان الآن. وهو قول طائفة من القدرية المعتزلة حكاه عنهم ورد عليهم فيه ابن حزم في الفصل ٤/ ٨١، والبغدادي في أصول الدين ص (٢٣٨)، وابن القيم في حادي الأرواح ص (١١)، والسفاريني في لوامع الأنوار البهية ٢/ ٢١٠ - ٢٣٢، والشيخ صديق حسن خان في يقظة أولى الاعتبار ص (٣٥).
(٢) في كلا النسختين (فوسوس) وهو خطأ والصواب ما أثبت.
(٣) البقرة آية (٣٥ - ٣٦).
(٤) طه آية (١١٦ - ١١٧).
(٥) في كلا النسختين (أخرج) وهو خطأ.
(٦) الحجر آية (٣٤)، وآية (٧٧).
(٧) البقرة آية (٣٧).
(٨) أخرجه ابن جرير في تفسيره من عدة طرق ١/ ٢٤٣، والآجري في الشريعة ص (٣٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>