للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نفسه من الهم والنكبة والشركة حتى البضاعة يضعها في كم قميصه فيفقدها فيجزع لذلك فيجدها في جيبه، حتى إن العبد ليخرج من ذنوبه كما يخرج البتر الأحمر من الكير" (١).

وروى أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: "لما نزلت هذه الآية بكينا وحزنا وقلنا يا رسول الله: ما أبقت هذه الآية من شيء، فقال صلى الله عليه وسلم: "أما والذي نفسي بيده إنها لكما أنزلت ولكن ابشروا وقاربوا وسددوا فإنه لا يصيب أحدا منكم مصيبة إلا كفر الله عنه بها خطيئة حتى الشوكة يشاكها أحدكم في قدمه" (٢).

استدلت القدرية بآي الوعيد كقوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ} (٣) الآية، وقوله تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا} (٤) الآية، وقوله تعالى: {وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ} (٥)، وما أشبه ذلك من الآيات (٦).

والجواب: أن لهم القرآن يعاضد بعضه ولا يتناقض بدليل قوله تعالى: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً} (٧)، فنحمل هذه


(١) أخرجه ت. كتاب التفسير (ب تفسير سورة البقرة) ٤/ ٢٢١ وقال: حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث حماد، وأخرجه، حم ٦/ ٢١٨، وابن حرير في تفسيره ٥/ ٢٩٥.
(٢) أخرجه م. كتاب البر والصلة (ب ثواب المؤمن فيما يصيبه من مرض) ٤/ ١٩٩٣ كتاب التفسير (ب. تفسير سورة المائدة) ٥/ ٢٤٧، ابن جرير في تفسيره ٥/ ٢٩٤ وقد ذكر المصنف - رحمه الله - في الآية الأقوال الثلاثة التي ذكرها ابن جرير وهي أن المراد بالسوء الشرك، أو أن المقصود بها الكفار، أو أن المراد بها عموم المعاصي من صغير وكبير، وأن الجزاء يكون بكل ما يصيب الإنسان في الدنيا من المصائب الصغيرة والكبيرة. وهو الذي رجحه ابن جرير ودل الدليل الصحيح عليه وهي الآثار المذكورة عن النبي صلى الله عليه وسلم هنا.
(٣) يونس آية (٢٧).
(٤) السجدة آية (٢٠).
(٥) الانفطار آية (١٤).
(٦) ذكر بعض هذه الآيات وما أشبهها القاضي عبد الجبار المعتزلي في شرح الأصول الخمسة ص ٦٥٧ - ٦٦٣.
(٧) النساء آية (٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>