للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآية التي أوردها القدرية وما أشبهها من آي الوعيد على من لا إيمان معه، فأما من مات مؤمنا فلا يحكم بتخليده في النار بفعل كبيرة غير مستحل لها، بل إذا لم يغفرها لم يظلمه من حسناته لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا} (١). وقوله تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلاّ مِثْلَهَا} (٢) وجاء في التفسير أن الحسنة هو قول لا إله إلا الله، والسيئة هو الشرك (٣) ومثلها قوله تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ، وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ (٤) وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاّ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (٥) وقوله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ} (٦). وقوله تعالى: {أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى} (٧) وقوله تعالى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَات} (٨).

فإن قالوا: من فعل الكبيرة لا يسمى مؤمنا (٩).

قلنا: بل يسمى مؤمنا لأنه مصدق بالله وبرسوله وباليوم الآخر، وكيف يخلد في النار من عبد الله مائة سنة في معصية واحدة غير مستحل لها، مع أن ظواهر الأي ألا يدخل النار إلا الكفار، قال الله تعالى: {وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ} (١٠) وقوله تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ} إلى قوله


(١) النساء آية (٤٠).
(٢) سورة الأنعام آية (١٦٠).
(٣) ذكر هذا ابن جرير عن جماعة من السلف منهم عبد الله بن مسعود وابن عباس وشقيق بن عبد الله والحسن وعطاء وإبراهيم النخعي وأبو صالح، وغيرهم. انظر: تفسير ابن جرير ٨/ ١٠٨ - ١٠٩.
(٤) في الأصل (ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وهم لا يظلمون). وفي - ح صوبت كما أثبت.
(٥) النمل آية (٨٩ - ٩٠).
(٦) الزلزلة آية (٧ - ٨).
(٧) آل عمران آية (١٩٥).
(٨) هو آية (١١٤).
(٩) المعتزلة على أن الفاسق من أهل الملة في منزلة بين المنزلتين فلا يسمى مؤمنا ولا كافرا في الدنيا، وسيعقد المصنف فصلا للتسمية يذكر فيه قولهم.
(١٠) التوبة آية (٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>