قبلوه وقالوا به، وإن خالف هذا الميزان ردوه ولم يقبلوه ولو قامت الأدلة الشرعية الصحيحة على إثباته، وزعموا في ردهم له أنه يخالف عدل الله وحكمته، وما لم يعلم أن الله عدلٌ حكيمٌ لا يمكن أن تعرف صحة الشرع.
وهذا الميزان الجائر قد رُدت به أمور قطعية ورد الشرع بها، وأُثبت به أمور لم ترد في الشرع بل الدليل الشرعي على خلافها وهذه الأمور هي:
أولا: زعموا أن الله خلق الخلق لينفعهم وهذا لم يرد في الشرع بل الذي ورد قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}(١).
ثانيا: زعموا أن الله لا يضل أحدا، وأنه لم يختم على قلوب الكفار لأن هذا عندهم قبيح ينزه الله عنه، وهذا باطل فقولهم قبيح ينزه الله عنه غير صحيح لوجهين:
١ - أن هذا ثبت في الشرع وهو الحاكم على كل شيء.
٢ - أن الله ثبت أنه عدل حكيم، فإضلاله لمن ضل إنما بمقتضى عدله جل وعلا وحكمته، وليس باللزوم أن يظهر لنا وجه هذا العدل وهذه الحكمة.
ثالثا: زعموا أن الله لم يقدر على العباد المعاصي فردوا بذلك ما ثبت في السنة من أن الإيمان بأن الله يقدر الخير والشر ركن من أركان الإيمان.
رابعا: زعموا أن الله لا مشيئة له نافذة في خلقه لأن هذا إجبار وهو قبيح ينزه الله عنه، فردوا بذلك الأدلة الثابتة في الشرع مع أن هذا ليس جبرا لأن العباد لهم مشيئة أيضا وقد جاءهم الشرع، وقد تقدم بيان قول السلف في القدر بالتفصيل.
خامسا: أنكروا خلق أفعال العباد، وزعموا أن هذا فيه نسبة فعل القبائح إلى الله عزوجل، وهذا قبيح.