وأهل السنة لا يقولون إن الله يفعل القبائح بل هو منزه جل وعلا عن ذلك، لأن المنسوب إلى الله هو الخلق للفعل على مقتضى الدلالة الشرعية وكمال الربوبية، أما الفعل فهو فعل العبد على ما تقدم بيانه في مذهب أهل السنة.
سادسا: أن الله يجب عليه فعل الأصلح لعباده، فأوجبوا على الله ما لم يوجبه جل وعلا على نفسه افتراءً عليه.
وهكذا نرى أن نفي القدر مر بعدة مراحل، أولها نفي العلم الإلهي السابق لأفعال العباد وتبعه إنكار الكتابة وعموم المشيئة وخلق أفعال العباد، ثم إن نفي القدر خف بفعل إنكار السلف وتكفيرهم للقائلين بهذا وقوة الشرع والسنة وارتباط الناس بها إلى إثبات العلم والكتابة وإنكار المشيئة والخلق، ثم إن المتكلمين المعتزلة صاغوا هذا النفي وقعدوه بقواعد يلتزمون بأصولها ويختلفون كثيرا في فروعها، إذ مناطها العقل، والعقول مختلفة فلا تجدهم يتفقون على فرع، وهذه القواعد أدت إلى توسيع الدائرة في نفي القدر وإلى القول على الله بغير علم.