للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نالهم من ذلك، فيأذن في الشفاعة للملائكة والأنبياء والشهداء والعلماء، فيخرجون بشفاعتهم، فإذا نظر الكفار إليهم قد خرجوا قالوا: فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا أو نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل ويودون لو كانوا مسلمين، قال الله تعالى: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ} (١)، فيكبكبون هم وآلتهم فيها قال الله تعالى: {فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ، وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ، قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ} إلى قوله: {فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ، وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ} (٢). وقال الله تعالى: {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} (٣) وهذه الآيات كلها تدل على ثبوت الشفاعة.

وروى يزيد الفقير (٤) قال: "كنا بمكة من قطانها وكان معي أخ لي يقال له طلق بن حبيب (٥)، وكان يرى رأي الحرورية في إبطال القول بالشفاعة، فبلغنا أن جابر بن عبد الله قدم مكة فأتيناه، فقلنا له: بلغنا عنك قول في الشفاعة، وقول الله تعالى يخالفك، فنظر في وجوهنا وقال: من أهل العراق أنتم؟ فقلنا: نعم، فتبسم وقال: أين تجدون ذلك في كتاب الله؟


(١) الحجر آية (٢)، وقد ذكر ابن جرير - رحمه الله - في معنى الآية أن هذا القول يقوله المشركون إذا أخرج عصاة الموحدين من النار، فذكر نحو ما ذكر هنا ونقل هذا عن أبي موسى وأنس بن مالك وابن عباس - رضي الله عنهم - وعن غيرهم من التابعين. تفسير ابن جرير ١٤/ ٢ - ٤، وانظر: الشريعة للآجري ص ٣٣٥ - ٣٣٧.
(٢) الشعراء آية (٩٤ - ١٠١).
(٣) المدثر آية (٤٨).
(٤) هو: يزيد بن صهيب الكوفي أبو عثمان، المعروف بالفقير لأنه كان يشكو فقار ظهره، ثقة. التقريب ص ٣٨٣.
(٥) طلق بن حبيب العنزي البصري، صدوق عابد رمي بالإرجاء، هكذا ذكر ابن حجر وذكره عن أبي حاتم وحماد وأبي زرعة وابن سعد وغيرهم، وهذا غريب فإنه ذكر هنا بأنه على رأي الخوارج، وروايات أخرى ذكرها اللالكائي أيضا فقد يكون برأي الخوارج أولا، ثم أخذ برأي المرجئة وكلا القولين على طرفي نقيض ذكر ابن حجر أن وفاته بعد التسعين. انظر: التهذيب ٥/ ٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>