للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأما أن يشفعوا لأهل الكبائر الذين ماتوا مصرين عليها فلا يجوز أن يكون المراد بذلك الشفاعة لمؤمنين الذين ماتوا ولا ذنوب لهم، فتكون الشفاعة زيادة لهم (١) في النعم على ما يستحقونه بأعمالهم، ويجوز أن يكون المراد بالشفاعة لأه الصغائر الذين واقعوها مع اجتنابهم الكبائر.

والجواب: أن هذا تبديل لا تأويل، لأن الأخبار المروية أنه يخرج من النار بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم من كان في قلبه مثقال ذرة من الإيمان (٢)، وفي بعض الروايات "من قال لا إله إلا الله" (٣)، وهذا يدل على أنه لم يعمل شيئا من الطاعات المأمور بها مثل الصلاة (٤) والزكاة وغيرهما (٥).

وأما الآية التي ذكروها فإن المراد بها التوبة من الكفر بدليل قوله تعالى: {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا}، وكذلك قوله تعالى: {فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ}.

وسبيل الله هو الإسلام بدليل قوله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ}.

وأما قولهم إنهم يستغفرون لأهل الصغائر أو لمن لا ذنب له، فعندهم أن الله إن (٦)


(١) في الأصل (في زيادة) وفي - ح - كما أثبت.
(٢) تقدم هذا من حديث أنس في الشفاعة. انظر: ص ٥٤٩.
(٣) تقدم ذكر هذه الرواية في التعليق ص ٦٨٢ رقم ٦.
(٤) هذا على قول من يرى أن ترك الصلاة ليس كفرا مخرجا من الملة وستأتيت الأقوال ص ٧٥٤.
(٥) وقد يأتي الإنسان المسلم بهذه الأشياء ويأخذ أجرها الدائنون يوم القيامة، كما ورد في حديث المفلس الذي رواه أبو هريرة - رضي الله عنه -، قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أتدرون من المفلس قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع فقال: إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليهم ثم طرح في النار". أخرجه م. في البر والصلة. (ب تحريم الظلم) ٤/ ١٩٩٧، ت في صفة القيامة ٤/ ٦١٣.
(٦) (أن) - غير موجوده في الأصل، وهي في - ح -.

<<  <  ج: ص:  >  >>