للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الموت، قال إبراهيم: فدخل على منه رعب حتى ما قدرت أحمل قائمة السرير، فدفن الميت وانصرفوا، وقعدت عند القبر مفكرا في القائل من السرير وما بعد الموت، فغلبتني عيناي على ركبتي، فإذا أنا بشخص من القبر أحسن الناس وجها وأطيبه ريحا وأنقاه ثيابا وهو يقول: يا إبراهيم، قلت: لبيك فمن أنت يرحمك الله؟ قال: أنا لقائل من السرير وما بعد الموت، قلت: فبالذي خلق الحبة وبرأ النسمة وتردى بالعظمة (١) إلا قلت لي من أنت، فقال: أنا السنة أكون لصاحبي في الدنيا حافظا وعليه رقيبا وفي القبر نورا ومؤنسا وفي القيامة سائقا وقائدا إلى الجنة" (٢).

قلت: وهذا الخبر موافق للخبر الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن عمل ابن آدم يأتيه على صورة شخص في القبر على ما مضى (٣).

وذكر اللالكائي فيما روي عن نافع عن ابن عمر - رضي الله عنه - أنه قال: "بينما أنا أسير بجنبات بدر إذ خرج رجل من الأرض في عنقه سلسلة يمسك (٤) بطرفها أسود في يده مرزبة فقال: يا عبد الله أسقني، قال ابن عمر: فلا أدري أعرفني أم كما يقول الرجل للرجل يا عبد الله، فقال لي الأسود: يا عبد الله لا تسقه، ثم اجتذبة جذبة ودخلا في الأرض جميعا".

وفي رواية فضربه بمرزبة حتى غيبه في الأرض، فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم بذاك فقال: وقد رأيته ذاك أبو جهل وذاك عذابه إلى يوم القيامة" (٥).


(١) أي توشح رداء العظمة. انظر: لسان العرب ٣/ ١٦٣٠.
(٢) شرح اعتقاد أهل السنة ٦/ ١١٣٩.
(٣) انظر: حديث البراء بن عازب ص ٧٠٨.
(٤) في - ح - (ممسكاً).
(٥) شرح اعتقاد أهل السنة ٦/ ١١٤١ وسنده ضعيف فإن فيه عبد الله بن محمد بن المغيرة الكوفي الراوي عن مالك بن مغول عن نافع به. ذكره الذهبي في الميزان، ونقل عن أبي حاتم أنه قال: "ليس بالقوي"، وقال ابن يونس: "منكر الحديث"، وقال ابن عدي: "عامة ما يرويه لا يتابع عليه"، وقال النسائي: "روى عن الثوري ومالك بن مغول أحاديث كانا أتقى لله من أن يحدثا بها". ميزان الاعتدال ٢/ ٤٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>