للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أجزائه (١)، فكل تصديق تسليم (٢) وليس كل تسليم تصديقا (٣)، وكل مؤمن مسلم وليس كل مسلم مؤمناً، والإسلام ظاهر الأمر، والإيمان باطنه (٤) وحقيقة الإسلام الطاعة قال الله تعالى: {وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ} (٥)، أي مطيعين.

وقد ورد ذكر الإسلام الطاعة في الشرع على وجهين:

أحدهما: المراد به الإخلاص وهو قوله تعالى: {إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ} وأراد به"أخلص" {قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} (٦) يعني فقل: أخلصت، ومثله قوله تعالى: {فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ} يعني فقل: أخلصت يعني أخلصت ديني لله - إلى قوله تعالى: {وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالأمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا}، (٧) والمراد أأخلصتم فإن أخلصوا (٨)، ومثلها قوله تعالى: {وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ} (٩).


(١) " هذا القول لا يستقيم إلا على قول من يزعم أن الإيمان هو التصديق وهم الجهمية والأشاعرة ومن تابعهم، والمصنف - رحمه الله - قد أثبت أن الإيمان قول اعتقاد وعمل، وانتصر لهذا القول واستدل له فلا يستقيم هذا القول المذكور هنا مع ذلك، كما أن المصنف ذكر في أول الرسالة ما يناقض هذا حيث قال ص ١٩ "وأن الأيمان أعلى رتبة من الإسلام والإسلام بعض الإيمان" وهو قول صحيح متفق مع قول السلف.
(٢) " معنى هذا القول أن كل من انقاد وأذعن في الظاهر مصدق بالباطن وهو ينطبق على المنافقين مصدقون إلا أنهم فرطوا بالإذعان والانقياد.
(٣) " يعني بهذا أن ليس كل من انقاد وأذعن في الظاهر مصدق بالباطن وهو ينطبق على المنافقين الذين أظهروا الانقياد، وأضمروا الجحود والكفر.
(٤) " قوله: "والإسلام ظاهر الأمر والإيمان باطنه" يصح في حالة اجتماع الإسلام والإيمان في كلام الشارع كما في حديث جبريل، أما إذا فترقا فإن الإيمان يدخل فيه الإسلام ويدخل الإسلام في الإيمان وقد تقدم بيان هذا في التعليق ص ٧٣٥.
(٥) البقرة آية (١٢٨) وانظر كلام ابن جرير على معنى الآية ١/ ٥٥٣.
(٦) " البقرة آية (١٣١) وقد ذكر ابن جرير المعنى المذكور هنا في تفسيره ٥٦٠١.
(٧) " آل عمران آية (٢٠).
(٨) " انظر: هذا المعاني في تفسير ابن جرير ٣/ ٢١٤.
(٩) " لقمان آية (٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>