للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه الثاني: المراد به الإقرار، وهو قوله تعالى: {وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْض} (١) يعني أقر بالعبودية، وقوله تعالى: {مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ} يعني من الملائكة وقوله تعالى: {وَالأرْضِ} يعني المؤمنين {طَوْعاً} ثم قال {وَكَرْهاً} يعني أهل الأديان (٢) يعلمون أن الله خلقهم لأن الله قال: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} (٣)، ومما ورد بذكر الإسلام والمراد به الإقرار باللسان قوله تعالى: {قَالَتِ الأعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} (٤)، لأنهم أقروا باللسان ولم يصدقوا بقلوبهم (٥).

وقد ورد الشرع بذكر الإيمان مفرداً على أوجه:


(١) آل عمران آية (٨٣).
(٢) " ذكر هذا القول ابن جرير عن مجاهد وأبي العالية كما ذكر أقوالاً أخرى. انظر: تفسير ابن جرير ٣/ ٣٣٦، وذكر القرطبي أن معنى الآية استسلم وانقاد وخضع وذل وكل مخلوق فهو منقاد مستسلم لأنه مجبول على ما لا يقدر أن يخرج عنه فالقرطبي هنا أرجع معنى أسلم إلى الانقياد والخضوع. انظر: تفسير القرطبي ٤/ ١٢٧.
(٣) " الزخرف آية (٨٧).
(٤) " الحجرات آية (١٤).
(٥) القول المذكور هنا هو أحد القولين في الآية وقال به الإمام البخاري وابن عبد البر والقرطبي وغيرهم، ومعنى هذا أن هؤلاء غير مسلمين وإنما هم منافقون. انظر: فتح الباري ١/ ٧٩، التمهيد ٩/ ٢٤٨، تفسير القرطبي ١٦/ ٣٤٨ القول الثاني: أن هؤلاء الأعراب مسلمون وليسوا منافقين، وإنما ادعو الإيمان وهي مرتبة أعلى من الإسلام فعنفوا على هذا الادعاء، لأنهم لم يصلوا إلى هذه المرتبة، وقال بهذا الزهري وابن جرير. قال ابن كثير: "وهذا معنى قول ابن عباس وإبراهيم النخعي وقتادة". انظر: تفسير ابن جرير ٢٦/ ٨٩، تفسير ابن كثير ٤/ ٢١٩.
والراجح من هذين القولين الثاني وذلك لعدة أدلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>