للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأجل المعارف المعرفة بالله، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "المعرفة بالله رأس المعرفة" (١).

وروي "أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله علمني من غرائب العلم فقال صلى الله عليه وسلم: ما صنعت في رأس العلم؟ فقال: وما رأس العلم؟ قال صلى الله عليه وسلم: هل عرفت الرب سبحانه؟ قال: نعم، قال: وما صنعت في حقه؟ قال: ما شاء الله، فقال صلى الله عليه وسلم: هل عرفت الموت؟ قال: نعم، قال: فما أعددت له؟ قال: ما شاء الله، فقال صلى الله عليه وسلم: اذهب فاحكم ما هنالك ثم تعال تعلم من غرائب العلم" (٢).

وما أثنى أحد من الصحابة على نفسه بمثل ما أثنى حارثة حين قال له النبي صلى الله عليه وسلم: كيف أصبحت يا حارثة؟ قال: أصبحت مؤمنا حقاً فقال صلى الله عليه وسلم: "إن لكل حق حقيقة فما حقيقة إيمانك، فقال: استوى عندي من الدنيا حجرها وذهبها، وكأني بعرش ربي بارزاً، وأهل الجنة يتنعمون فيها، وأهل النار في النار يتضاغون (٣)، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: عرفت فالزم" (٤).

ومما يدل على أن العلم الحاصل بالمشاهدة أزيد من العلم الحاصل عن الاستدلال قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ليس الخبر كالمشاهدة أخي موسى أخبره الله بما كان من قومه من بعده من عبادة العجل، ومع ذلك أخذ الألواح فحين شاهد ما صاروا إليه ألقى الألواح" (٥).


(١) لم أقف على من خرجه.
(٢) أخرجه ابن عبد البر بسنده في جامع بيان العلم وفضله ٢/ ٥ عن عبد الله بن المسور مرفوعاً، والحديث مرسل وهو موضوع أيضاً، فإن عبد الله بن المسور بن عون بن جعفر بن أبي طالب قال عنه الإمام أحمد وغيره: أحاديثه موضوعة، وقال الدار قطني والنسائي: "متروك". انظر: ميزان الاعتدال ٢/ ٥٠٤.
(٣) في النسختين (يتضرعون) وما أثبت هو الأصوب كما عند الطبراني، ويتضاغون أي يتصايحون ويضجون من ضغا يضغو ضغواً وضغاء إذا صاح وضجّ. انظر: النهاية لابن الأثير ٣/ ٩٢.
(٤) تقدم تخريجه في ص (٦١٥).
(٥) أخرجه حم. ٤/ ١٤٧ بتحقيق أحمد شاكر وقال في التعليق: "إسناده صحيح"، والحاكم في المستدرك ٢/ ٣٢١، وقال: "حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي، وأخرجه البزار ١/ ١١١، بنحوه، والطبراني في الكبير ١٢/ ٥٤ وقال الهيثمي: "رجاله رجال الصحيح". مجمع الزوائد ١/ ١٥٣ كلهم من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -.

<<  <  ج: ص:  >  >>