للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى أبو هريرة "أن النبي صلى الله عليه وسلم رجع من غزوة أحد فسمع الناس يقولون كان فلان أشجع من فلان وفلان أبلى ما لم يبل غيره فقال صلى الله عليه وسلم: أما هذا فلا علم لكم به، فقالوا: كيف يا رسول الله؟ فقال: إنهم قاتلوا على قدر ما قسم الله لهم من العقل، وكان نصرتهم ونيتهم على قدر عقولهم فأصيب منهم من أصيب على منازل شتى فإذا كان يوم القيامة اقتسموا المنازل على قدر نياتهم وقدر عقولهم".

وقالت عائشة - رضي الله عنها -: "يا رسول الله بم يتفاضل الناس؟ قال: العاقل، قلت: ففي الآخرة؟ قال: بالعقل، قالت، قلت: أليس إنما يجزون بأعمالهم؟ قال: يا عائشة وهل عملوا إلا بقدر ما أعطاهم الله من العقل وبقدر ما عملوا يجزون" (١).

وقال الشافعي - رحمه الله -: مقادير علوم الناس على قدر سعة عقولهم، فمن وقع له صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأول والإيمان بالله علم أن عقله أوفر ممن بقي على الجاهلية (٢)، ولهذا مدح الله السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار ثم قال: {وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ} (٣)، ووعد الكل بالحسنى، وكذلك فضل من أنفق من قبل الفتح على من أنفق بعده ومن سبق بالإيمان على من تأخر، ثم قال: {انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً} (٤) فللخائفين المطيعين (٥) في المعرفة درجة


(١) الروايات الواردة في العقل من حديث أن "أنس قوماً أثنوا على رجل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم … " إلخ - إلى حديث عائشة "بم يتفاضل الناس" ذكرها الغزالي في الإحياء في الباب السابع والثامن في العقل وشرفه وأقسامه ١/ ٨٨ - ٦٢ وعزاها العراقي في التخريج في حاشية الإحياء إلى ابن المحبر في كتاب العقل، وابن المحبر هو داود بن المحبر بن مُخدم وقد وصف بالضعف، وقال الدار قطني والحاكم والنقاش عن كتابه العقل: "بأنه موضوع". انظر: ميزان الاعتدال ٢/ ٢٠، تهذيب التهذيب ٣/ ١٩٩.
(٢) لم أقف على هذا الكلام عن الشافعي.
(٣) التوبة آية (١٠٠).
(٤) الإسراء آية (٢١).
(٥) في الأصل (فالخائفون الميطعون) وما أثبت من - ح - وهو الأصوب.

<<  <  ج: ص:  >  >>