للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يبلغها العاصون، ولا ننكر أن العارفين بالله تلحقهم معارضات الشيطان، إلا أنهم يدفعون معارضته بالدلائل الواضحة.

وقد رروي أن الصحابة - رضوان عليهم - قالوا: "يا رسول الله إنا نجد في أنفسنا شيئاً لا نقدر على ذكره ولو قطعت آذاننا (١) فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وأصابكم ذلك؟ قالوا: نعم، قال: ذلك محض الإيمان" (٢).

وروي أنه قال: "ذلك صريح الإيمان" (٣)، ولم يرد النبي صلى الله عليه وسلم أن معارضة الشيطان هي محض الإيمان، وإنما أراد أن دفع ذلك بالحجج والدلائل من محض الإيمان (٤).

وروى أبو وائل عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - "أن النبي صلى الله عليه وسلم خط خطا ثم قال هذا سبيل الله، ثم خط خطوطاً عن يمين الخط وعن يساره وقال هذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه"، وتلا قوله تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ} (٥) يعني الخط الأول، {وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} (٦)، (٧) ونهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن التفكير في ذات الله فقال:


(١) هكذا في الأصل وفي - ح - (وإن قطعت أراباً) ولم أجد هذا اللفظ فيما نظرت من مراجع.
(٢) الحديث أصله في م. كتاب الإيمان (ب الوسوسة في الإيمان) ١/ ١١٩ من حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -.
(٣) أخرجه م. في الموضع المتقدم، د. كتاب الأدب (ب رد الوسوسة) ٢/ ٣٣١، حم ٢/ ٣٩٧ - ٤٤١ من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٤) ويمكن أن يقال أن مدافعة هذه الوسوسة وكراهتها والخوف منها من الإيمان، وقد عدّها ابن شاهين من شعب الإيمان، فقال وأن يكون إذا وجد الوسوسة من العدو لأن يخر من السماء، فتخطفه الطير أحب إليه من أن يتكلم به. انظر: مسائل الإيمان للقاضي أبي يعلى ص ٢١٣.
(٥) الأنعام آية (١٥٣).
(٦) الأنعام آية (١٥٣).
(٧) أخرجه حم ٦/ ٨٩ بتحقيق أحمد شاكر وقال في التعليق: "إسناده صحيح"، وأخرجه دي في المقدمة (ب كراهية أخذ الرأي) ١/ ٦٧، والحاكم في المستدرك كتاب التفسير ٢/ ٣١٨ وقال: "حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، وعنده أيضاً في ٢/ ٢٣٩ من حديث زر عن عبد الله وقال: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>