للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما علمنا بادعاء النبي صلى الله عليه وسلم النبوة فهو علم ضروري، لأنا علمنا ذلك بالنقل المتواتر الذي لا يمكن دفعه بشك وشبهة، وأما صدقه فيما ادعاه فهو علم مكتسب، لأنه فكر وتأمل ونظر (١) كعلمنا بأن العالم محدث وأن له محدثاً. وأن الموجب لذلك علينا هو السمع وهو المرشد إليها والمنبه عليها، ولا نستغني بالعقل عن السمع المنبه، كما لا يستغني في الصنائع الدقيقة واالأفعال المحكمة عن المرشد إليها والمنبه عليها، فالرسل هم المرشدون إلى ذلك والمنبهون عليه، وهم المؤيدون بالآيات والمعجزات ولا يجب علينا شيء إلا بدعائهم، ولا نستغني بالعقول عن إرشادهم، وما من عصر إلا وفيهم (٢) نبي أو شريعة نبي. قال الله تعالى: {لِئَلاّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} (٣)، وقال تعالى: {وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلاّ خَلا فِيهَا نَذِيرٌ} (٤).


(١) تفريق المصنف بين دعوى النبي صلى الله عليه وسلم النبوة وبين صدقه فيما أخبر بأن الأول ضروري والثاني مكتسب لا يظهر منه فرق واضح، إذ الجميع متكسب لأن العلم بالنقل المتواتر علم مكتسب، إلا أن هذا العلم بعد اكتسابه يصير ضرورياً لا ينفك عن النفس بشهبة سأو شك، وكذلك العلم بصدقه إذا اكتسب عن طريق النظر والاستدلال صار علماً ضرورياً لا ينفك عن النفس ولا يزول منها، والله أعلم.
(٢) في - ح - (إلا فيه).
(٣) النساء آية (١٦٥).
(٤) فاطر آية (٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>