للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصفة قصر عما لأجله أقيم وانبسطت أيدي الظلمة إلى الدماء واخذ الأموال وارتكاب المحارم، ولم يصل المظلوم إلى حقه.

ومن شرطه: أن يكون ورعاً، وهذه أعز الصفات وأجلها وأولاها بالمراقبة وأجدرها، لأنه إذا لم يكن كذلك أخذ ما لم يحل له أخذه وارتكب المحارم.

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ملاك دينكم الورع" (١) وليس من شرطه أن يكون معصوماً من الخطأ والزلل، عالماً بالغيب، ولا بجميع الدين حتى لا يشذ عنه شيء (٢)، وإنما كان كذلك لأن طريق العلم بالعصمة عن الخطأ والعلم بالغيب إنما يحصل من خبر الصادق وهو الشارع، ولم يرد ذلك في القرآن ولا في السنة المتواترة بالأخبار من (٣) أحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يصح اشتراط ذلك في المنصوب للإمامة، ولأنه لو احتيج إلى

كونه معصوماً عن الخطأ لاحتيج أن يكون قاضيه وجابي خراجه وصدقته وأصحاب مصالحه


(١) أخرجه الطبراني في الكبير ١١/ ٣٨ عن ابن عباس - رضي الله عنهما -. قال الهيثمي: "فيه سوار بن مصعب ضعيف جداً". مجمع الزوائد ١/ ١٢٠ وقد ورد الحديث من طريق حذيفة وسعد - رضي الله عنهما - بلفظ: "وخير دينكم الورع" أخرج حديث حذيفة الحاكم في المستدرك ١/ ٩٢ وسكت عنه وأخرحه البزار، وقال: "لا نعلمه مرفوعاً إلا عن حذيفة من هذا الوجه" كشف الأستار ١/ ٨٥.
وفي إسناده عبد الله بن عبد القدوس التميمي. قال ابن حجر: "صدوق رمي بالرفض وكان أيضاً يخطيء". التقريب ص ١٨٠.
أما حديث سعد بن أبي وقاص فقد أخرجه الحاكم في المستدرك ١/ ٩٢ وقال: "صحيح على شرطهما" ووافقه الذهبي، كما صحح الحديث السيوطي والألباني. انظر: الجامع الصغير مع فيض القدير ٤/ ٤٣٤، صحيح الجامع ٣/ ٨٦.
(٢) هذه الشروط يشترطها الروافض ويزعمون أنها موجودة في أئمتهم وقد تقدم ص ٨١٦ حكاية قولهم إن الإمام له جميع صفات النبي ما عدا النبوة.
(٣) في الأصل (ممن) وما أثبت من - ح - وهو أوضح في المراد ولعل صوابها (عن) لأن الكلام يستقيم بها.

<<  <  ج: ص:  >  >>