للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمراء جيوشه أن يكونوا كذلك، لئلا يفسدوا ما يتولونه من الأعمال. وفي اشتراط ذلك إبطال لنصبهم بذلك، ويدل على بطلان ذلك اعتراف الخلفاء الراشدين بأنهم غير معصومين، وترك إنكار الأمة أو واحد منهم ولا يتهم للأمر مع اعترافهم بذلك.

إذا تقرر هذا ووجدت شروط الإمامة في واحد من العصر تعين العقد له وتعين له القيام والطلب، وإن وجدت هذه الشروط في أكثر من واحد فينبغي أن تعقد الإمامة للفاضل إن لم يكن هناك عذر يمنع من إمامة الأفضل لقوله صلى الله عليه وسلم: "يؤم القوم أفضلهم " (١)، وقوله صلى الله عليه وسلم: "أئمتكم شفعاؤكم فانظروا بمن تستشفعوا " (٢)، وروي في خبر آخر "أئمتكم شفعاؤكم إلى الله فقدموا خيركم" (٣)، وقال صلى الله عليه وسلم: "من تقدم على قوم من المسلمين وهو يرى أن فيهم من هو خير منه فقد خان الله ورسوله والمسلمين". (٤)

وأعظم الإمامة هي الإمامة الكبرى، لأن الإمام الأعظم أولى بإمامة الصلاة من غيره، فيجب أن يكون أفضلهم. ويدل عليه إجماع الصدر الأول على طلب الأفضل. وقال عبد الرحمن بن عوف: "لا يعدلوا بعثمان أحداً" (٥) وقول أبي عبيدة لعمر: "مد يدك لأبايعك، فقال له عمر: تقول


(١) لم أقف عليه بهذا اللفظ، وإنما أخرج الطبراني في المعجم الكبير ٢٢/ ٥٦ عن واثلة بن الأشقع - رضي الله عنه - مرفوعاً: "اصطفوا وليتقدمكم في الصلاة أفضلكم فإن الله عز وجل يصطفي من الملائكة ومن الناس". وفي إسناده أيوب بن مدرك ذكره الذهبي في الميزان ١/ ٢٩٣، وقال: قال ابن معين: "ليس بشيء ومرة كذاب"، وقال أبو حاتم والنسائي: "متروك".
(٢) لم أقف على من أخرجه بهذا اللفظ، وذكره الباقلاني في التمهيد ص ٤٨٦.
(٣) روى الطبراني في المعجم الكبير ٢٠/ ٣٢٨ بسنده عن مرثد بن أبي مرثد مرفوعاً: "إن سركم أن تقبل صلاتكم فليؤمكم خياركم فإنهم وفدكم فيما بينكم وبين ربكم". وأخرجه الحاكم في المستدرك ٣/ ٢٢٢، وفي إسناده يحيى ين يعلى الأسلمي قال في التقريب ص ٣٨١: "شيعي ضعيف".
(٤) لم أقف عليه مسنداً، وقد ذكر نحوه شيخ الإسلام في منهاج السنة النبوية ٦/ ١٩٦ وعزاه إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - موقوفاً عليه.
(٥) يعني بذلك أهل المدينة، وسيأتي في قصة مبايعة عثمان - رضي الله عنه - ص ٨٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>