للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن شرط العاقد أن يكون ذكراً حراً بالغاً عاقلا مسلماً مجتهداً عدلاً ظاهراً وباطناً، لأنه من الأمور المهمة في الدين، فاعتبر أن يكون على أكمل الأحوال.

وهل من شرط العقد أن يكون بحضوره شهود؟.

اختلف العلماء فيه، فمنهم من قال: لا يعتبر حضور شهود، ومنهم من اعتبر حضور شاهدين، لأن أمر الإمامة أعظم من أمر النكاح، فإذا اعتبر الشهود في النكاح ففي الإمامة أولى، ومنهم من اعتبر حضور أربعة بعد العاقد والمعقود له (١)، لأن عمر - رضي الله عنه - اعتبر ذلك في أهل الشورى، وهذا ليس بشيء لأن عمر لم يعتبر حضور الستة لذلك، وإنما أخبر أنهم أفاضل وأن الأمر لا يعدوهم ولا يتجاوزهم.

وقال أصحابنا: وقد ثبتت الإمامة من وجه غير ما تقدم ذكره، فإن لم يكن هناك إمام فقام رجل له شوكة وفيه شروط الإمامة فقهر الناس بالغلبة فأقام فيهم الحق، فإن إمامته تثبت وتجب طاعته والدخول تحت حكمه، لأن المقصود قد حصل بقيامه، إلا إن قهره من هو بمثل صفته وصارت له الشوكة والغلبة فإن الأول يخلع ويصير الثاني أولى بالطاعة لما ذكرنا في الأول (٢).


(١) انظر: الأقوال في ذلك في غياث الأمم للجويني ص ٥٧ - ٥٨.
(٢) هذا مذهب أهل السنة وقد حكاه القاضي أبو يعلى عن الإمام أحمد في رسالة عبدوس بن مالك "ومن غلب عليهم بالسيف حتى صار خليفة وسمي أمير المؤمنين لا يحل لأحد يؤمن بالله أن يبيت ولا يراه عليه إماماً عادلاً كان أو فاجراً فهو أمير المؤمنين". المعتمدا في أصول الدين ص ٢٣٨، وقال ابن حجر: "قد أجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان المتغلب والجهاد معه وأن طاعته خير من الخروج عليه، لما في ذلك من حقن الدماء وتسكين الدهماء وحجتهم هذا الخبر". يعني حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - عند البخاري - "من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر عليه فإنه من فارق الجماعة شبراً فمات إلا مات ميتة جاهلية" فتح الباري ١٣/ ٧. كما حكى الإجماع على ذلك الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - حيث يقول: "الأئمة مجمعون من كل مذهب على أن من تغلب على بلد أو بلدان له حكم الإمام في جميع الأشياء". الدر السنية ٧/ ٢٣٩، وكتاب الإمامة العظمى ص ٢٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>