للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للجميع ولتوفرت الدواعي في كل عصر على نقل ذلك إلى يومنا هذا، وعدم ذلك يضطر إلى عدم النص منه، وإن كان قال ذلك بمحضر ممن لا يقع العلم بخبرهم فعند الروافض أن أخبار الآحاد لا توجب العمل في العبادات، فكيف توجب العمل في الإمامة، ولأنه لو كان كذلك لما وسع علياً - رضي الله عنه - عنه السكوت عن الاحتجاج به، ولما وسع بني هاشم وبني عبد المطلب الإغضاء على ذلك وترك نصرة علي، وفي عدم ذلك منهم ومنه ما يدل على عدم النص، ولأنه لو كان للنص أصل لكان يؤدي إلى أن الحق بذلك خفي على عصر الصحابة - رضي الله عنهم - وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تجمتع أمتي على الخطأ" (١)، وقوله صلى الله عليه وسلم: "ما كان الله ليجمع هذه الأمة على الخطأ" (٢) وفي انقياد الصحابة - رضي الله عنهم - لأبي بكر وكونهم تحت طاعته وفيهم علي والعباس وعمار والمقداد وأبو ذر والزبير بن العوام دليل على عدم النص على غيره، ولأن كثيراً من القائلين بإمامة علي من الزيدية (٣) والمعتزلة البغدادين (٤) وغيرهم ينكر (٥) النص ويجحده مع تفضيلهم لعلي على غيره وهذا في بابه أوضح دليل على عدمه. ثم نعارض روايتهم هذه برواية البكرية أن النبي صلى الله عليه وسلم نص على إمامة أبي


(١) لم أقف عليه بهذا اللفظ وإنما هو وارد بلفظ "لا تجتمع أمتي على ضلالة أبداً" وقد تقدم تخريجه ص ١١٣.
(٢) تقدم تخريجه ص ١١٣.
(٣) أكثر الزيدية يرون أن الإمام بعد الرسول صلى الله عليه وسلم هو علي بن أبي طالب بالنص، وبعضهم كما هو قول يحيى بن حمزة المؤيد بالله يرى أن النص لعلي - رضي الله عنه - نصاً خفياً. انظر: كتاب نصرة مذاهب الزيدية ص ٢٥، مصباح العلوم في معرفة الحي القيوم ص ٢١، وانظر قول يحيى بن حمزة في نقل صاحب كتاب الزيدية ص ٣١٩ عنه من كتابه الرسالة الوازعة للمعتدين ص ٢٢.
(٤) معتزلة بغداد منهم الجعفران: جعفر بن حرب، وجعفر بن مبشر الشقفي والإسكافي وقد حكى عنهم الملطي تفضيل علي على أبي بكر - رضي الله عنهما -. التنبيه والرد على أهل الأهواء ص ٤١.
(٥) في الأصل (ينكرون) وفي - ح - كما أثبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>