للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسوله فيعطيك سلبه أردده، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صدق فأعطه إياه" فأعطاني، فبعت الدرع فابتعت به مخرفاً (١) في بني سلمة، فإنه أول مال تأثلته (٢) في الإسلام" (٣) ولا يتقدم في الفتيا بمحضر النبي صلى الله عليه وسلم إلا من له منزلة في العلم.

وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب يوماً فقال: "إن رجلاً خيره ربه بين أن يعيش، في الدنيا ما شاء الله (٤) أن يعيش ويأكل في الدنيا ما شاء أن يأكل، وبين لقاء ربه فاختار لقاء ربه"، فبكى أبو بكر - رضي الله عنه - وقال: فديناك يا رسول الله بأبائنا وأمهاتنا، فقال أصحاب النبي صلىالله عليه وسلم: ألا تعجبون من هذا الشيخ ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً صالحاً خيره الله بين لقاء ربه فاختار لقاء ربه، فكان أبو بكر هو أعلمهم بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنه أراد صلى الله عليه وسلم أنه هو الذي خيره الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من أحد أمنّ إلينا في صحبته وماله من أبي بكر بن أبي قحافة ولو كنت متخذاً خليلاً لاتخذته خليلاً" (٥).

وروى أبو الدرداء قال: رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا امشي أمام أبي بكر - رضي الله عنه - فقال: "يا أبا الدرداء أتمشي أمام من هو خير منك في الدنيا والآخرة؟ ما طلعت شمس ولا غربت بعد النبيين والمرسلين على أفضل من أبي بكر" (٦).


(١) مخرفاً بفتح الميم والراء ويجوز كسر الراء أي بستاناً صغيراً. لسان العرب ١/ ١١٣٩.
(٢) تأثلته أي اقتنيته وصار له أصل عندي، من أثل ماله أصله. لسان العرب ١/ ٢٨.
(٣) أخرجه خ. كتاب الجهاد (ب من لم يخمس الأسلاب) ٤/ ١٨٣، م. كتاب الجهاد (ب استحقاق القاتل السلب) ٣/ ١٣٧٠.
(٤) في الأصل (ما شاء فهو يعيش) وما أثبت كما في - ح - ويوافق رواية الترمذي.
(٥) أخرجه خ. كتاب فضائل الصحابة (ب قول النبي صلى الله عليه وسلم سدوا الأبواب إلا باب أبي بكر) ٥/ ٤، م. كتاب فضائل الصحابة (ب فضل أبي بكر) ٤/ ١٨٥٤، ت. كتاب المناقب (ب مناقب أبي بكر) ٥/ ٦٠٧ من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -.
(٦) أبو بكر - رضي الله عنه - خليق بهذا، أما الحديث فقد أخرجه اللالكائي في السنة ٧/ ١٢٨١ وأبو نعيم في الحلية ٣/ ٣٢٥، والإمام أحمد في فضائل الصحابة ١/ ١٥٢ وابن أبي عاصم في السنة ٢/ ٥٧٦، والإمام أحمد في فضائل الصحابة ١/ ١٥٢، وعزاه الهيثمي إلى الطبراني في الكبير. انظر: مجمع الزوائد ٦/ ٤٤ ولم أجده في المطبوع من المعجم، والحديث روي عن ابن جريج عن عطاء عن أبي الدرداء، ورواه عن ابن جريج ثلاثة بقية بن الوليد وعبد الله بن سفيان الواسطي وهوذه بن خليفة، أما ابن جريج فهو ثقة إلا أنه يدلس، وقال الدار قطني: "تجنب تدليس ابن جريج فإنه قبيح التدليس لا يدلس إلا فيما سمعه من مجروح". انظر: الميزان ٢/ ٦٥٩، تهذيب التهذيب ٦/ ٤٠٥، أما الرواة عنه فبقية بن الوليد مدلس عن الضعفاء. انظر: التقريب ص ٤٦ وعبد الله بن سفيان الواسطي قال العقيلي: "لا يتابع عليه". الميزان ٢/ ٤٣٠، هوذة بن خليفة قال في التقريب: "صدوق" ص ٣٦٥، وقد جاء ما يوافق هذا المعنى من حديث جابر أخرجه ابن حبان في المجروحين ١/ ١٢٧، وابن الجوزي في العلل المتناهية ١/ ١٨٧، وعزاه الهيثمي إلى الطبراني في الأوسط مجمع الزوائد ٩/ ٤٤ وهو حديث موضوع فإن فيه إسماعيل بن يحيى التيمي قال عنه أبو علي النيسابوري الحافظ والدار قطني والحاكم: "كذاب"، وقال صالح جزرة: "كان يضع الأحاديث". انظر: الميزان ١/ ٢٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>