للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبو بكر: قد علمت أني كنت في هذا الأمر قبلك قال: صدقت، فمد يده فبايعه (١). وأما ما ظهر من أبي بكر - رضي الله عنه - من العلم وشدة الجأش بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم فما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم لما مات ارتجت المدينة واختل الناس وأفحموا ودشهوا وطاشت عقولهم وذهلوا، فروي أن عمر - رضي الله عنه - كذب بموته وقال: ما مت رسول الله صلى الله عليه وسلم وليرجعنه الله (٢) وليقطعن أيدي رجال وأرجلهم من المنافقين يتمنون موت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما وعده ربه كما وعد موسى ربه وهو آتيكم (٣). وأما علي - رضي الله عنه - فإنه قعد في البيت ولم يبرح، وأما عثمان فجعل لا يكلم أحداً حتى أنه يؤخذ بيده فيذهب به ولا يعقل، وكان أبو بكر - رضي الله عنه - بالسنح (٤) وتواتر أهل البيت إليه بالرسل، فلما أخبر بموت رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل وعيناه تهملان وغصصة تترجع في حلقة، وهو مع ذلك ثابت العقل حتى دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فكشف عن وجهه وقبله، وقال: يأبى وأمي طبت حيا وميتا انطقع الوحي بموتك ما لم ينقطع بموت أحد من الأنبياء فعظمت عن الصفة (٥) وجللت عن البكاء بكلام له طويل، ثم خرج والنبي صلى الله عليه وسلم مسجى، فقام في الناس خطيبا فخطب خطبة خللها بالصلاة على


(١) تقدم ذكر هذا ص ٨٣٦ وليس فيه قوله: "قد علمت أني كنت .... " إلخ.
(٢) لفظ الجلالة - ليست في الأصل وإنما هو في - ح -.
(٣) روى البيهقي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - حدثه بالسبب الذي لأجله أول الأمر أنكر موت النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: "كنت أول هذه الآية {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً} البقرة آية (١٤٣) فوالله إن كنت لآظن أنه سيبقى في أمته حتى يشهد عليها بآخر أعمالها، وإنه للذي حملني على أن قلت ما قلت"، دلائل النبوة للبيهقي ٧/ ٢١٩ وفي إسناده حسين بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب الهاشمي قال في التقريب ص ٧٤: "ضعيف".
(٤) السُنح بضم السين وسكون النون في عوالي المدينة وبينها وبين مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ميل. معجم البلدان ٣/ ٢٦٤.
(٥) مراده بهذا والله أعلم فأنت اعظم من أن تذكر أوصافك مدحاً لك لظهور هذا الأمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>