للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال فيها: "أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله خاتم الأنبياء، وأشهد أن الكتاب كما أنزل، وأن الدين كما شرع وأن الحديث كما حدث" (١) في كلام طويل، ثم قال: "أيها الناس من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حيّ لا يموت قال الله تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} (٢)، وقال: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} (٣).

قال عمر: "والله لكأني لم أسمع بها في كتاب الله قبل الآن" (٤). فرجعوا صابرين محتسبين بقوة نفوس وسكون جاش في الدين، ولو لم يظهر منه غير هذا لكان ذلك كافياً في الدليل على علمه وفضله، ثم لما عقدت له الخلافة نادى مناده في المدينة بخروج جيش أسامة الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم أمر بخروجه فاجتمع إليه قوم من الصحابة - رضي الله عنهم - فقالوا له: إن هذا الجيش فيه الحامية من نقباء المهاجرين والأنصار، وإن أهل الردة قد اطلعوا رؤوسهم وساقبوا (٥) المدينة فانتظر بانفاذه (٦) انكشاف الردة فقال: "والله لأن أخر من السماء على أم رأسي فتخطفني الطير وتنهشني السباع أحب إلي من أن أكون أول حال عقده رسول الله صلى الله عليه وسلم. أنفذوا جيش أسامة


(١) أخرج بعض هذه الخطبة والتشهد البيهقي في دلائل النبوة ٧/ ٢١٨ وفي إسناده ابن لهيعة.
(٢) الزمر آية (٣٠).
(٣) آل عمران آية (١٤٤).
(٤) أخرج البخاري في فضائل الصحابة (ب فضل أبي بكر) ٥/ ٦ نحو هذا الخبر من حديث عائشة - رضي الله عنها -.
(٥) ساقبوا أي قاربوا قال في اللسان: السقب القرب، وقد سبقت الدار بكسر القاف سقوباً أي قربت وأبياتهم متساقية أي متدانية ومنه الحديث "الجار أحق بسقبه".
اللسان ٣/ ٢٠٣٦.
(٦) في الأصل غير ظاهرة وفي - ح - كتبت (بانفاذه) فأثبت هاء الضمير لتستقيم العبارة.

<<  <  ج: ص:  >  >>