للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا يدرون ما الأمر، غير أنهم فقدوا صوت عمر، وهم يقولون: سبحان الله، فلما انصرفوا. قال عمر لابن عباس: انظر من قاتلي فجال ساعة ثم جاء فقال: غلام المغيرة بن شعبة وكان نجارا، فقال عمر: الحمد لله الذي لم يجعل منيتي على يد رجل من المسلمين، لأنه كان نصرانيا (١)، ثم قال: قاتله الله لقد كنت أمرت به معروفا، فأسقوه لبناً فخرج من جرحه، فعلم أنه يموت فقال لابنه عبد الله: احسب ما عليَّ من الدين فحسبه، فإذا هو ستة وثمانون ألفا، وقال: إن وفى بها مال عمر فأدها، وإلا فاسأل في بني عدي ابن كعب، فإن لم يف من أموالهم فسل قريشا ولا تَعْدُهم إلى غيرهم، ثم قال لابنه عبد الله: ايت عائشة - رضي الله عنها - فسلم (٢) وقل: يستأذن عمر، - ولا تقل أمير المؤمنين فلست لهم اليوم بأمير - بأن (٣) يدفن مع صاحبيه، فأتاها ابن عمر فوجدها قاعدة تبكي، فأخبرها بذلك فقالت: بقي موضع قبر كنت أريده لنفسي، ولأؤثرنه على نفسي، فلما جاء قالوا جاء عبد الله بن عمر قال: ارفعوني فأسنده رجل إليه فقال: ما لديك، قال: قد أذنت، قال: ما شيء أهم إليّ من ذلك المضجع إذا قبضت فجهزوني واحملوني، ثم استأذنوا فإن أذنت فأدخلوني، وإلا ردوني إلى مقابر المسلمين، فلما مات فعل ذلك فاذنت ودفن مع صاحبيه، ولما حضره الموت قال: لآ أجد أحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض وسمى: عليا وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص، فذكر ابنه عبد الله بن عمر لأجل فضله وعمله فقال: شاوروه وليس له من الأمر شيء".


(١) كذا في النسختين وذكر ذلك أيضا الطبري في تاريخ الأمم الملوك ٤/ ١٩٠ عن المسور بن مخرمة. وذكر ابن كثير في البداية والنهاية ٧/ ١٥١ أن أبا لؤلؤة اسمه فيروز مجوسي الأصل رومي الدار.
(٢) في - ح - (فسلم عليها).
(٣) في - ح - (تاذني أن).

<<  <  ج: ص:  >  >>