للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروي أنه قال: لم أكن بالذي أتحملها حيا وميتا، وقال: يكفي آل الخطاب أن يسأل منهم رجلا واحدا، وكان طلحة غائبا فقال لهم عمر: إن استقام أمركم قبل أن يقدم طلحة فامضوه على ما استقام عليه، وإن قدم طلحة قبل أن يستقيم أمركم فآذنوه، فإنه رجل من المهاجرين وقال لهم: لا تنتظروا أكثر من ثلاثة أيام، ثم منعهم أن يصلي رجل منهم بالناس قبل أن يستقيم أمرهم خوفا أن يظن هو أو غيره أنه نص عليه، وأمر صهيبا أن يصلي بالناس أيام مشورتهم حتى قال شاعرهم:

صلى صهيب ثلاثا ثم أسلمها … إلى ابن عفان ملكا غير مردود (١)

ثم إن الرهط الذين ولاهم عمر - رضي الله عنهم - اجتمعوا وتشاروا وكانوا خمسة - فقال لهم عبد الرحمن بن عوف: إنكم لا تستقيمون على أمر وإنكم خمسة فليعادكل رجل رجلا وأنا عديد الغائب، فتعاد علي والزبير وولى الزبير أمره عليا، وتعاد عثمان وسعد وولى سعد أمره عثمان، وخلا علي وعثمان وعبد الرحمن (٢) فقال لهم عبد الرحمن: إما أن تتبرآ من الأمر فأوليكما الأمر فتختارا لأمة محمد صلى الله عليه وسلم رجلا، وإما أن تولياني ذلك وأبرأ من الأمر، فولياه ذلك.

وروي "أن عبد الرحمن قال لهم: لست أنافسكم هذا الأمر، ولكن إن شئتما اخترت لكم، فجعلوا ذلك إلى عبد الرحمن وقد كان قال لهم عمر: إن انقسم الناس شطرين فكونوا في حيز عبد الرحمن بن عوف لعلمه بفضله وأمانته وانه مرضي عند الكافة وأزهدهم في هذا الأمر. قال المسور ابن مخرمة: فلما ولوا ذلك عبد الرحمن مال الناس عليه يشاورونه ويناجونه فطرقني عبد الرحمن بعد هزيع من الليل فضرب الباب فاستيقظ، فقال: ألا أراك نائما فوالله ما اكتحلت بكثير نوم فادع لي


(١) ذكر هذا البيت الطبري في تاريخ الأمم والملوك ٤/ ٢٣٤ وعزاه إلى الفرزق.
(٢) في - ح - (وخلا عبد الرحمن وعثمان وعلي).

<<  <  ج: ص:  >  >>