للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزبير فدعوته، فناجاه حتى ابهارّ الليل (١)، ثم قام منه على طمع ثم قال لي: ادع عثمان فناجاه طويلا حتى فرق بينهما المؤذن، فلما كانت الليلة التالية وعبد الرحمن في دار القضاء قال له سعد: يا أبا محمد ما كان أحد أحق بهذا الأمر منك قال: إنك يا سعد تحب أن يقال ابن عمه خليفة، وإنك يا مسور تحب أن يقال خاله خليفة والله لئن توجد مدية فتوضع هاهنا وأشار إلى لبته (٢) وأمر بيده إلى لبته أحب إلي من أن أليّ من أمر الناس شيئا، فقام سعد فقال له عبد الرحمن: يا أبا إسحاق اشهد الصبح والبس السيف، ثم قال لي عبد الرحمن: اذهب إلى علي وعثمان وأتني بهما، قال المسور: وكان هواي مع علي فأحببت أن أعلم ما في نفسه فقلت: له بأيهما أبدا، فقال: بأيهما شئت، قلت: آتيك بهما جميعا أو فرادى قال: لا بل جميعا قال: فبدأت بعلي فقلت له: أرسلني إليك خالي قال: أرسك إلى غيري معي؟ فقلت نعم. إلى عثمان. قال: بأينا أمرك أن تبدأ؟ قلت: قد سألته فقال بأيهما شئت فبدأت بك، قال: جميعا أو فرادى قال: لا بل جميعا فخرج معي في موضع الجنائز، وقال: اذهب إلى صاحبك فخرجت إلى عثمان فوجدته يوتر في بيت شيبة بن ربيعة، فخرج إلي عاقدا إزاره في عنقه آخر الليل، فقلت إن خالي أرسلني إليك، فقال: أرسلك إلى غير معي؟ قلت: نعم إلى علي، فسألته بأيهما أبدأ؟ قال: بأيهما شئت، فبدأت بعلي وهو ينتظرك في موضع الجنائز، فخرجت أنا وعثمان حتى جئنا عليا، ثم دخلنا على عبد الرحمن فحمد الله وأثنى عليه، ثم أقبل عليهما، وقال: أشيرا علي وأعيناني على أنفسكما هل أنت يا علي متابعي على سنة الله ورسوله وبعهد الله وميثاقه وسنة الماضين قبلي، - وروي سنة الشيخين قبلك - فقال علي: لا، ولكن أبايعك على طاقتي، قال: فصمت ثم تكلم كلاما دون كلامه الأول، ثم قال: هل أنت يا علي مبايعي على إن وليتك


(١) ابهار الليل: أي انصف. النهاية لابن الأثير ١/ ١٦٥.
(٢) اللّبة: بفتح اللام والباء وتشديدهما وسط الصدر والمنحر. اللسان ٥/ ٣٩٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>