للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: فإذا كان الأمر في الصحابة (١) فما منعهم عن نصرته ولم خذلوه. قيل لهم: معاذ الله أن يكون فيهم من خذله أو قعد عن نصرته، وإنما نهاهم عن ذلك وناشدهم الله، وعرف أن الجيوش قد سارت إليه من الأمصار، ولم ير أن في الصحابة من يماثل عددهم، وخاف إراقة دماءهم، لما روي أن المغيرة بن شعبة قال له: إنه قد نزل بك ما ترى، وأنا أعرض عليك خصالا ثلاثا: إن شئت خرقنا لك بابا من الدار سوى الباب الذي هم عليه فتقعد على رواحلك فتلحق بمكة، فإنهم لن يستحلوك وأنت بها، أو تلحق بالشام فإنهم أهل الشام وفيهم معاوية، وإن شئت خرجت بمن معك فقاتلهم وإن معك عدة وقوة، وإنك على حق وهم على باطل، فقال عثمان: أما قولك تخرق لي بابا من الدار فاقعد على رواحلي فألحق بمكة فإنهم لن يستحلوني وأنا فيها، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يلحق (٢) رجل من قريش بمكة (٣) عليه نصف عذاب العالم فلن أكون إياه (٤)، وأما قولك الحق بالشام فهم أهل الشام وفيهم معاوية فلن أفارق دار هجرتي ومجاورة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها، وأما قولك: إن معي عدة فأخرج فأقاتلهم فإني على الحق وهم على الباطل فلن أكون أول من خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمته بإهراق ملء (٥) محجم من دم بغير حق" (٦).


(١) هكذا في النسختين وهي تحتاج لخبر كان ولعل تقديره (ما ذكرتم)، فيكون المعنى فإذا كان شأن الصحابة وامرهم ما ذكرتم، يعني من عدم تواطؤهم على قتله.
(٢) هكذا في النسختين وفي مصادر الرواية (يلحد) وهي الأصوب، وقد نص ابن حجر في تعجيل المنفعة ص ٣٧٠ على أنها (يلحد) ونقل ذلك أيضا عن البخاري.
(٣) (بمكة) ليست في الأصل وهي في - ح - وفي مصادر الرواية.
(٤) روى ابن أبي شبة نحوه عن ابن عمر في كلامه لابن الزبير. المصنف ١١/ ١٣٩.
(٥) في - ح - (مثل).
(٦) أخرجه حم ١/ ٦٧، وابن شبة في تاريخ المدينة ٤/ ١٢١٢، وابن عساكر في تاريخ دمشق قسم (عثمان بن عفان - رضي الله عنه -) ص ٣٨٧ من حديث الأوزاعي عن محمد بن عبد الملك بن مروان عن المغيرة - رضي الله عنه -، ومحمد بن الخليفة عبد الملك بن مروان وثقه علي بن الحسين بن الجنيد وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن عساكر: "كان ناسكا أمه أم ولد قتل سنة ١٣٢ هـ - فتكون روايته عن المغيرة مرسلة، لأن المغيرة - رضي الله عنه - توفي ٥٠ هـ" - تعجيل المنفعة ص ٣٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>