قال سبحانه:{وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمَّاً وَعُمْيَاناً}[الفرقان:٧٣] لم يتعامَوا عن التذكير، بل انتفعوا به، لم يكونوا كالذين قال الله فيهم:{وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ}[البقرة:٢٠٦] فهذا جزاءه كما قال ربنا: {فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ}[البقرة:٢٠٦]؛ ولكن يقفون عند حدود الله، إذا ذُكِّروا تذكروا، كما كان أمير المؤمنين عمر؛ إذ دخل عليه عيينة بن حصن الفزاري فقال له -أول ما دخل عليه-: اتقِ الله يا ابن الخطاب! فإنك لا تعدل.
فهم عمر أن يبطش به؛ لما قال له هذه المقالة: اتقِ الله يا ابن الخطاب! فإنك لا تعدل.
فقال الحر بن قيس مذكراً لأمير المؤمنين عمر - والحر كان من حملة كتاب الله-: يا أمير المؤمنين! إن هذا الرجل من الجاهلين، والله يقول:{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}[الأعراف:١٩٩].
قال: فوالله! ما تخطاها أمير المؤمنين عمر ولا تعداها، بل كان وقافاً عند كتاب الله عزَّ وجلَّ.
هؤلاء قوم وصفهم الله بقوله:{إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمَّاً وَعُمْيَاناً}[الفرقان:٧٣]، أي: لم يكونوا صماً عن استماعها، ولا عمياناً عن الانتفاع بها وإبصارها.