للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[التناجي]

من عمل الشيطان أن يدخل الهموم والأحزان إلى قلب المؤمن، وله في ذلك سُبل، وله في ذلك طرق، منها دعوته وتحريضه على التناجي، حيث يتناجى اثنان أمام الثالث، فيذهب الشيطان إلى الثالث ويشككه في إخوانه، ويجعل الريب يملأ قلبه، ومن ثم قال الله سبحانه: {إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [المجادلة:١٠]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الآخر حتى تختلطوا بالناس)، وفي رواية أخرى: (فإن ذلك يحزنه) أي: تناجي الاثنين يحزن الثالث، وقد وردت زيادة فيها ضعف في هذا الحديث وهي: (حتى يستأذناه).

فالشيطان يدخل إلى قلب ابن آدم ويشوش عليه فكره من باب التناجي، وقد كان الناس يأتون إلى رسول الله فيتناجى بعضهم مع رسول الله فتذهب الظنون بالمسلمين، ويقولون في أنفسهم: لعله يخبر رسول الله أن هناك عدواً يريد أن يغزو المسلمين، ولعله ولعله، فالشيطان يدخل إلى ابن آدم من باب النجوى؛ ليقطع ما بينه وبين إخوانه من صلات، وليفسد ما بينه وبين إخوانه من محبة، فهذا باب التناجي، يدخل منه الشيطان ليحزن الذين آمنوا.