يجب عليك -يا عبد الله- أن تتحلى بهذه الحلة الكريمة، وتتمثل بهذه الخصلة القويمة خصلة الصدق، فهي دعوة رسولك، فقد سأل هرقل أبا سفيان: بماذا يأمركم محمد؟ قال: يأمرنا محمد بالصدق فـ هرقل الكافر علم أن الصدق من خصال الرسل، فقال: والله ما كان ليصدق مع الناس ويكذب على الله، فإذا كان محمد يعلمكم الصدق فكيف يصدق في حديثه مع الناس ويكذب على الله؟! فما كان -عليه الصلاة والسلام- ليكذب على الله، وشهد له بذلك أهل الكفر من المشركين، كما قال ابن عباس رضي الله عنهما:(لما نزلت: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ}[الشعراء:٢١٤]، ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جبل الصفا ونادى: يا معشر قريش، يا بني عبد المطلب، يا صفية عمة رسول الله، فاجتمعت له قريش، فقال عليه الصلاة والسلام لهم: يا معشر قريش: لو أخبرتكم أن خيلاً وراء هذا الوادي تريد غزوكم أكنتم مصدقي؟ قالوا: نعم، ما جربنا عليك كذباً قط -عليه الصلاة والسلام- قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد).
فالزم هذه الخصلة -يا عبد الله- مهما كلفتك، والزم هذه الخصلة الطيبة، وتخلق بهذه الخصلة الجميلة تسعد في الدارين، وتعرف نفسك -إذا كنت صادق الحديث- بأن ترى الرؤيا في الليل فتصبح وقد تحققت الرؤيا كما رأيتها، كما قال صلى الله عليه وسلم:(أصدقكم رؤيا أصدقكم حديثاً)، أي: إذا كنت صادقاً في الحديث فرؤياك تتحقق، ولما كان نبينا محمد أصدق الناس لهجة كان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح.