هذا وقد حذرنا ربنا تبارك وتعالى من قطع الأرحام في كتابه الكريم تحذيراً شديداً، فقال ربنا سبحانه وتعالى في كتابه الكريم:{فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ}[محمد:٢٢ - ٢٣]، فقاطعو الرحم أصمهم ربنا وأعمى أبصارهم، ولذا فقد ورد عن علي بن الحسين رحمهما الله تعالى أنه أوصى ولده فقال:(يا بني! لا تصاحب قاطع الرحم، إني وجدته ملعوناً في كتاب الله في ثلاثة مواطن -أحدها الذي ذكرناه- والثاني في قول الله تبارك وتعالى:{وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ}[الرعد:٢٥]، والثالثة آية البقرة التي في آخرها:{أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ}[البقرة:٢٧]).
فقاطع الرحم ملعون، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:(لما خلق الله الخلق قامت الرحم فتعلقت بقوائم العرش -وفي رواية: فأخذت بحقو الرحمن- وقالت: يا رب! هذا مقام العائذ بك من القطيعة، فقال الله لها: أما ترضين أن أصل من وصلك، وأن أقطع من قطعك؟ قالت: بلى؛ يا رب! قال: فذلك لك)، فكأن الرحم هربت من قوم يريدون ذبحها، ويريدون قطعها، فاستجارت بمن؟ استجارت بالله، واستنجدت بالله، وتعلقت بقوائم العرش؛ فأنصفها الله بقوله:(أما ترضين أن أصل من وصلك، وأن أقطع من قطعك؟ قالت: بلى، قال: فذلك لك)، أي: لك -أيتها الرحم- أن أصل من وصلك، وأن أقطع من قطعك.
ولذا في الحديث أن الرحم تقول:(من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله)، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم محذراً من قطع الرحم:(لا يدخل الجنة قاطع -وفي رواية: قاطع رحم-).
فقطاعو الرحم ملعونون، لعنهم الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم، وبين رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم ما أعد الله لهم من العقوبة.