للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تجنب ما يؤدي إلى الإثارة]

وكذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم المرأة أن تخرج متطيبة من بيتها ولو إلى المسجد، فقال: (إذا شهدت إحداكن العشاء معنا فلا تمس طيباً، ولا بخوراً)؛ وذلك لأن الطيب يلفت الأنظار إليها، وكذلك قال عليه الصلاة والسلام: (أيما امرأة خرجت من بيتها متطيبة فمرت بالرجال ليجدوا ريحها فهي زانية)، هكذا قال عليه الصلاة والسلام، فكل ما يلفت النظر إلى المرأة يمنع، ويلحق بذلك رفع المرأة صوتها رفعاً زائداً فهذا يلفت نظر الرجال إليها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من نابه شيء في صلاته فليسبح، فإنما التصفيق للنساء)، فمنع النبي صلى الله عليه وسلم النساء من التسبيح في الصلاة لعلة وهي: ألا يشتغل بهن الرجال، فرفع بعض النساء والفتيات أصواتهن -بطريقة تلفت نظر الرجال إليهن، وتجعل الرجال يعرفون من المتكلمة- فعل مذموم وقبيح من النساء، ولا ينم عن كثير حياء، بل ينم عن قلة حياء، وبعدٍ عن سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

فالنساء يفترض فيهن أنهن جبلن على الحياء، هذا المفترض في شأن النساء، أما أن تناقش وتجادل وترفع صوتها فهذه أفعال قبيحة مذمومة تنافي الحياء المفترض في النساء، وإن كان ثمّ كلام مع النساء، فللكلام مع النساء ضوابط ذكرت ضمناً في قوله تعالى: {فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا} [الأحزاب:٣٢]، هذا خطاب من ربنا سبحانه إلى النساء، فكم من رجل تراه وديعاً رحيماً حليماً، ولكن بداخله قلب مريض -والعياذ بالله- فكلما حدثته أو خاطبته فوجد في قولها شيئاً من اللين في القول؛ ظن بها الظنون، وظن أنها تريد أن تمكنه من نفسها مباشرة، فعياذاً بالله من هذا الصنف المريض القلب الذي ذكره الله في كتابه بقوله: {فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} [الأحزاب:٣٢]، ثم أرشد النساء جملة إلى قوله تعالى: {وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا} [الأحزاب:٣٢].

ونحو هذا القول المعروف ذكره الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم في شأن اللواتي مات عنهن أزواجهن، قال تعالى: {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ} [البقرة:٢٣٥] أي: ستذكرونهن لشأن الزواج، {عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا} [البقرة:٢٣٥]، فالقول المعروف أُمر به الرجل مع المرأة، فلا يجوز لك أن تتكلم بكلمة مع امرأة تفتنها بها، وكذلك المرأة لا يجوز لها أن تتكلم بكلمة مع رجل تطمعه فيها وتغريه بها، وكم من رجل يتدخل بين رجل وامرأة للإصلاح، ويحمل في ثنايا مقالاته شيئاً من الإفساد أو ما يؤدي إلى تخبيب المرأة على زوجها ناسياً أو متناسياً حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس منا من خبب امرأة على زوجها)، فالذي يتدخل لتخبيب امرأة على زوجها ولإفسادها على زوجها، سواء بصورة مباشرة للطعن في الزوج أو الغمز به أو بصورة غير مباشرة بإظهار شيء من محاسنه أمام المرأة، فتكره المرأة زوجها لكونها لا ترى هذه المحاسن فيه، ففاعل ذلك أثيم وآثم ظالم -والعياذ بالله-.