بسم الله الرحمن الرحيم إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
وبعد: إن سيرة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم هي خير السير على الإطلاق، وكلامه صلى الله عليه وسلم هو أحسن الكلام، وهديه هو خير الهدي، وحديثه أصدق الحديث صلوات الله وسلامه عليه، ومن ثَم أمر الله سبحانه وتعالى أصحاب نبيه صلى الله عليه وسلم أن يخرجوا معه ويتفقهوا في دينهم منه، فقال الله جل ذكره:{فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}[التوبة:١٢٢] أي: فهلا خرج من كل قبيلة فرقة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في المغازي، تأتم به، وتتأسى به، وتتعلم منه، ثم ترجع إلى أهلها فتنذرهم وتحذرهم، (فلولا نفر) أي: فهلا خرج نافراً مع رسول الله في المغازي، {مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}، فيحث الله سبحانه وتعالى أصحاب نبيه صلى الله عليه وسلم على الخروج معه في مغازيه للتعلم منه ونقل هذا العلم إلى القبائل، أما وقد مات رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا نستطيع الخروج مع النبي صلى الله عليه وسلم في مغازيه فلا يسعنا إلا اتباع سننه، والاطلاع على سيرته صلوات الله وسلامه عليه، وقد شاب السيرة كثيرٌ من الأحاديث الضعيفة والموضوعة التي لا تثبت، ولكن ثم قدر كبير كاف ووافٍ ثابت من الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة، فضلاً عما في كتاب الله سبحانه وتعالى من بيان لهذه السير والمغازي.
فلنتناول شيئاً من هذا الثابت من خلال كتاب ربنا سبحانه، ومن خلال سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الثابتة الصحيحة، ففيها مدّكر ومعتبر.