للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ثبوت براءة يوسف باعتراف امرأة العزيز]

قال تعالى: {قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ} [يوسف:٥١]، من العلماء من قال: معناها معاذ الله، ومنهم من قال: معناها ننزه الله عن العجز أن يخلق بشراً عفيفاً مثل هذا البشر.

{قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ} أي: قالت مظهرةً للحق، {الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدتُّهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ * ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ} [يوسف:٥١ - ٥٢]، هكذا يظهر الله الحق، فلم تنس امرأة العزيز الواقعة، فالذنب لا ينسى وخاصة عند من يراجع نفسه، فالمرأة طيلة تلك المدة وهي تراجع نفسها، كيف تسببت بعبد عفيف بريء نظيف لكونه لم يقترف الفاحشة معها؟! والنفوس اللوامة هي: دائمة اللوم لأصحابها، تذكرها نفسها اللوامة بما حاصله: كيف يقر لك قرار ويهدأ لك بال، وقد تسببت في سجن شخص بريء وألصقت به التهمة وهو عفيف؟ كيف تنامين في الفرش الوفيرة وتطيبين بالطيب الجميل وقد تسببت في سجن شخص بريء؟ فالنفوس اللوامة تلوم أصحابها الطيبين دائماً، أو الذين فيهم نزعة خير، ولا تزال بهم حتى يردوا الحقوق إلى أهلها، ويبحثوا عن وقت يعتذرون فيه، هكذا فعلت امرأة العزيز، فأعلنت صراحة أمام الملأ وأمام الناس كلهم في مجلس التحقيق ما تظن أنها تنجو به، قالت: {الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ} أي: تبين وظهر {أَنَا رَاوَدتُّهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ} [يوسف:٥١]، أي: أنا الذي دعوته إلى فعل منكر، فإنه لمن الصادقين، {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ} [يوسف:٥٢].