للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سنن الإحرام في الميقات]

السؤال

إذا وصلت إلى الميقات فماذا أصنع؟

الجواب

إذا وصلت إلى الميقات فيسن لك أن تغتسل؛ إذ قد ثبت عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه قال: (من السنة أن يغتسل الرجل إذا أراد أن يحرم)، ويسن لك مع هذا الاغتسال أن تتطيب، وذلك عند الإحرام قبل الإهلال بالحج أو بالعمرة؛ لحديث أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: (كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه حين يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت)، وفي رواية عنها: (كأني أنظر إلى وبيص الطيب في مفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم)، فيسن لك قبل أن تلبي بالحج أو بالعمرة بعد الغسل أن تتطيب، أما إذا لبيت بالحج أو بالعمرة فتمنع من الطيب، وقد يرد على شخص إشكال في الحديث الذي فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لـ يعلى بن أمية: (اغسل عنك الطيب الذي بك، وانزع عنك الجبة، واصنع في عمرتك ما كنت صانعاً في حجك)، فأجاب العلماء على هذا بما حاصله: هذا الحديث قد يكون مختصاً بالزعفران، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يغسل هذا الزعفران، أو أن هذا الحديث قد نسخ -أعني حديث يعلى بن أمية - والله تبارك وتعالى أعلم.

وقد ورد أيضاً أن عائشة رضي الله عنها قالت: (كنا نخرج مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة فنضمد جباهنا بالصبغ المطيب عند الإحرام، فإذا عرقت إحدانا سال على وجهها فيراه النبي صلى الله عليه وسلم فلا ينهاها)، فالحاصل أن الشخص بعد الاغتسال للإحرام قبل الإهلال يسن له أن يتطيب، وإن بقي أثر هذا الطيب معه ولو بعد التلبية فلا مانع، لكن لا يمس طيباً بعد أن يهل بالحج أو العمرة، وبالله تعالى التوفيق.

كما ينبغي عليك أن تعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بعض أنواع الثياب فعليك أن تتقيها؛ إذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن المحرم: (لا يلبس السروايل، ولا القُمُص -والقُمُص: جمع قميص- ولا العمائم، ولا البرانس، ولا الخفاف إلا إذا لم يجد نعلين فليلبس خفين وليقطعهما أسفل من الكعبين)، فيمنع المحرم من لبس المخيط، ويمنع كذلك من العمائم، ويمنع كذلك من لبس السراويلات، إلا إذا لم يجد إزاراً فله أن يلبس السراويلات حينئذ؛ لما أخرجه الإمام البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: (سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب بعرفات فقال: (من لم يجد النعلين فليبس الخفين، ومن لم يجد إزاراً فليلبس السراويل) للمحرم)، وقد رأى الجمهور من العلماء أنه يفتق هذه السراويل، بينما ذهب بعض أهل العلم إلى الحديث على ظاهره فقالوا: لا تفتق السراويل، إلا الخفين إذا لم توجد النعال، فتقطع الخفاف إلى أسفل من الكعبين، والمراد بالكعبين: العظمان الناتئان عند ملتقى الساق مع القدم.

فعلى ما سبق يحرم على المحرم أن يلبس ثوباً مخيطاً، ويحرم عليه أن يلبس العمامة، ويحرم عليه أن يلبس الخفاف التي تغطي الكعب، ولا يلبس من الثياب شيئاً مسه زعفران أو ورس، والله تبارك وتعالى أعلم.