قوله تعالى:{كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[البقرة:١٨٣]، أي: لعل التقوى تحدث لكم، وهذه هي حكمة الصيام، وكيف تحدث التقوى بالصيام؟ أورد العلماء ثلاثة أمور بها تحدث التقوى: الأمر الأول: قالوا: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم)، فكلما كان جريان الدم سريعاً كلما كان حركة الشيطان أسرع وأوسع، فمن ثم إذا أكلت كثيراً تحرك فيك الشيطان كثيراً، ولذلك ذكر العلماء في أبواب الحروز من الشيطان ترك الفضول في كل شيء، فالفضول في الطعام يحرك الشيطان تحريكاً أقوى، ويحرك الشهوة كذلك، ومن ثم ورد في بعض الأخبار:(فضيقوا عليه مجاريه بالجوع)، فالجوع يقلل عمل الشيطان لتقليله لجريان الدم، هذا شيء.
الأمر الثاني: أن الصيام على وجه الخصوص أقوى عبادة تقوي مراقبة العبد لربه سبحانه وتعالى، فالمراقبة لله سبحانه في الصيام أكثر منها في غير الصيام.
الأمر الثالث: أن هذا الصيام يشعرك بأحوال الضعفاء والمساكين، وذلك إذا جُعت أحسست بجوع الجائعين وعطش العطشى، فيحملك هذا على تقوى الله وإعطاء هؤلاء، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:(يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاءً).