للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[لكل شيء إذا ما تم نقصان]

لما رأى يوسف عليه السلام أن الدنيا قد اجتمعت له، وأقر الله عينه بالملك وبوالديه وإخوته وبأهله أجمعين، علم يوسف عليه السلام أن أمر الآخرة قد اقترب، فلا يكاد شيء يكتمل إلا وآذن بزواله ورحيله؛ ولذلك فإن من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من بكى لما نزل على الرسول عليه الصلاة والسلام، قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا} [المائدة:٣] فعلم أن أمر الرسول صلى الله عليه وسلم قد اقترب، ولما نزل قوله تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [النصر:١] * {وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا} [النصر:٢] * {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} [النصر:٣] فعلم ابن عباس أن أجل الرسول عليه الصلاة والسلام قد اقترب.

وهكذا فلا تكاد أمور تكتمل إلا ويؤذن بزوالها، فيوسف عليه السلام رأى أن الله أقر عينيه بوالديه وبأهله أجمعين، وأقر عينيه بالملك، فلا جرم أن يؤذن بالرحيل، فطلب من ربه كما أتم النعمة عليه في الدنيا أن يتممها عليه في الآخرة، فقال مقولة الصالحين: {رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ}: {رَبِّ} أي: يا رب.

{قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ} فما أنا فيه من الملك من فضلك يا رب {فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} [يوسف:١٠١].

وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.