قوله تعالى:{فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}[البقرة:١٨٤]، يؤخذ منه بعض الفقه، فالله سبحانه وتعالى لم يحدد متى هذه الأيام الأخر، فمن ثمّ يجاب على التساؤل الذي يصدر كثيراً من النساء: امرأةٌ كان عليها أيام من رمضان السابق، فدخل عليها رمضان هذا وهي لم تقض تلك الأيام، فماذا عليها؟ فيرى البعض أن عليها أن تصوم فيما بعد، وأن تطعم عن كل يوم مسكيناً، والإلزام بالإطعام ليس له دليل؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقول:{فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}[البقرة:١٨٤]، ولم يحدد متى هذه الأيام الأخر، فالقول بإلزامها بإطعام مع الصيام إذا دخل عليها رمضان، ولم تكن قد صامت الأيام السابقة قولٌ لا دليل عليه، وإن أورد شخصٌ علينا أثر أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها الذي فيه: كان يكون عليّ الصيام من رمضان، فلا أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان للشغل برسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذا الأثر ثابت عن عائشة رضي الله عنها، إلا أن القول بالشغل برسول الله صلى الله عليه وسلم ليس من قول عائشة، إنما هو من قول يحيى بن سعيد القطان أدخله على كلام عائشة رضي الله عنها.
فعلى كلٍ ليس في هذا الأثر إلزام بالإطعام، إنما فيه استحباب المبادرة إلى القضاء قبل أن يأتي رمضان آخر، وهذا الصنيع صحيح، ألا وهو استحباب القضاء قبل أن يأتي رمضان آخر، حتى لا تتراكم على الشخص الديون، فالله يقول:{فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ}[البقرة:١٤٨]، ويقول النبي عليه الصلاة والسلام:(دين الله أحق أن يقضى).
وقوله تعالى:{فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}[البقرة:١٨٤]، لم يذكر أنها على التوالي، فعلى ذلك فمن أفطر أياماً فإن له أن يُجزِّئْ قضاء هذه الأيام ولا يلزمه التتابع في قضاء ما فاته من أيام قد أفطرها في رمضان.