ومما يربى عليه الأبناء بعد التوحيد: إقامة الصلاة، قال الرسول صلى الله عليه وسلم:(بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة) وتعليمه الصلاة يبدأ من سن السابعة.
ولكن قبل السابعة هل أعلمه الصلاة أم لا؟ المسنون قبل السابعة اصطحاب الصبيان إلى المسجد، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:(إني أدخل الصلاة أريد إطالتها فأسمع بكاء الصبي فأخفف من شدة وجد أمه عليه)، وقال لما أمر بالتخفيف في الصلاة:(من أمَّ الناس فليخفف؛ فإن وراءه الكبير والصغير وذا الحاجة) فالصغار كانوا يصطحبون إلى المسجد، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يحمل أمامة على كتفه وهو يصلي؛ فإذا سجد وضعها وإذا قام رفعها صلى الله عليه وسلم.
بل أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب خطبة فرأى الحسن والحسين مقبلين فنزل من على المنبر واحتضنهما وقال:(صدق الله إذ يقول: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ}[التغابن:١٥]، رأيت هذين فلم أصبر عليهما).
الشاهد: أن الشخص يشرع له أن يعلم الأولاد الصلاة وهم أبناء سبع لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (علموا أولادكم الصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع) لكن قبل السبع إن علمهم فلا يشدد عليهم في التعليم، فهذا هديه صلى الله عليه وسلم.
وليعلم أن يختلفون فمنهم من يستوعب قبل السبع، ومنهم من لا يستوعب، ولكن التقعيد العام أن الأولاد يبدأ تعليمهم الصلاة وهم أبناء سبع كما قال الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فيعلمون ويمرنون على الفرض مع النفل، فالرسول صلى الله عليه وسلم كان يصلي في الليل واليتيم خلفه والعجوز خلفهما، واليتيم يطلق عليه يتيم؛ لأنه دون البلوغ، فيمرن الأطفال على صلاة الفرض والنفل، وإن كان فيهم كفاءة فلا مانع أبداً أن يقدموا للصلاة، فيقدم ويشجع إذا كان ذكاؤه يسمح بذلك ويتسع له، ويعلم أيضاً الصوم ويدرب عليه، وينبغي للأم أن لا تحملها شفقتهما على أن تمنع ولدها من الصيام، فإذا بكى الولد من الجوع فلا ينبغي للأم أن تأخذها العاطفة، وتطعمه وتفطره من الصيام، والربيع بنت معوذ رضي الله عنها قالت:(كنا نصوم عاشوراء ونصومه صبياننا، فإذا جاع أحدهم جعلنا له اللعبة من العهن - أي: من الصوف - حتى يأتي وقت المغرب) ليس بمجرد الجوع أو البكاء من الجوع تقدم له الإفطار، بل قالت: إذا بكى أحدهم - أي: من شدة الجوع- جعلنا له اللعبة من العهن؛ لأن كثيراً من الآباء يخاف على ولده من الصوم، ويمنعه منه، وكثير من الأمهات إذا خرج ولدها لصلاة الفجر تمنعه حتى لا يصاب بالبرد، فهؤلاء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمون أولادهم وبناتهم الصيام وعمر يقول لرجلٍ سكران:(ويحك! وصبياننا صيام)، يعني: أنت تفطر يا كبير وعندنا الأطفال الصغار يصومون.
ويسن أيضاً: تعويدهم على صوم الفرض والأطباء يعرفون ما في الصيام من فوائد.