أما ((الْعَالَمِينَ)) فتأتي وتحتمل عدة معانٍ: - فمنها: البشر، ومنه قول لوط عليه السلام:{أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ}[الشعراء:١٦٥] أي: من البشر.
- وتأتي أحياناً كلمة (العالمين) ويراد بها: الإنس والجن، كما في قوله تعالى:{تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً}[الفرقان:١].
- وتأتي كلمة (العالمين) ويراد بها: السماء والأرض وما بينهما، كما قال فرعون لموسى:{وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ * قَالَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إنْ كُنتُمْ مُوقِنِينَ}[الشعراء:٢٣ - ٢٤].
وعلى ذلك فيؤخذ من المعاني المعنى المناسب للسياق الذي وردت فيه الآية، وكما قدمنا فإن ضلال مَن ضل من الفرق كان بسبب إلباس كلمة معنىً غير معناها، وإن كان معناها يحتمل هذا المعنى؛ لكنها سيقت في موطن لا تتحمل إلَّا معنىً معيناً، فحملها البعض على معنىً آخر من المعاني، فضلُّوا كثيراً وأضلُّوا غيرهم وضلُّوا عن سواء السبيل.
فالكلمة يكون لها عدة معانٍ، فإذا ألبستها في موطن ثوباً ومعنىً غير معناها الذي يليق بالسياق انحرفتَ وابتعدتَ، ككلمة (السيئة) وكلمة (الفسق) وكلمة (الكفر) ونحوها من الكلمات، فكلمة (الفسق) تتعدد معانيها، وكذلك (الكفر)، وكذلك (الظلم)، فإذا ألبستها في موطن معنىً غير معناها ضللتَ وما كنتَ من المهتدين، كما فعل الخوارج -مثلاً- عند قول الرسول صلى الله عليه وسلم:(سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر)، وكما فعلوا عند قوله عليه الصلاة والسلام:(لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض)، وكما فعلوا كذلك عند قول النبي صلى الله عليه وسلم:(اثنتان في الناس هما بهم كفر: النياحة على الميت، والطعن في الأنساب).