ثم نذكركم بحديث لرسول الله صلوات الله وسلامه عليه؛ إذ قد خالفه الكثيرون إما جهلاً منهم وإما استخفافاً به، ألا وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم:(لعن الله من آوى محدثاً، لعن الله من غير منار الأرض)، أما تغيير منار الأرض، فتغيير العلامة التي تحدد حد الأرض التي لك ولصاحبك.
أما الذي يعنينا هو حديث:(لعن الله من آوى محدثاً)، فكثير من الناس يؤجرون بيوتهم لأقوام لا أخلاق لهم ولا دين، فإذا رفع إيجار السكن أو الدكان، يؤجر له بصرف النظر عن دينه، فإذا أسكنت رجلاً فاسداً في بيتك أو امرأة من البغايا أو تاجرة للمخدرات، أو أسكنت رجلاً فاسقاً في البيت أو يبيع الدخان في محل لك، أو يتخذه مقهى أو ملهى من الملاهي المحرمة؛ فأنت آثم، ولا تبعد عن الذين آووا المحدثين، ولا عن اللعنة التي توعدك بها رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام، كذلك الذين يئوون أصحاب الموالد، ويستقبلونهم، ويحيون البدع في بيوتهم، هؤلاء أيضاً ينسحب عليهم حديث رسول الله:(لعن الله من آوى محدثاً)، فجدير بكل صاحب بيت ومحل وعمل ألا يئوي إليه محدثاً من المحدثين، بل عليه أن يفكر أن الفاسد إذا سكن البيت، فأول من تصاب به أنت، وأول من تبتلى به ذراريك، لا تسكن في بيتك رجلاً قبيحاً غير محترم، لا تسكن في بيتك نساء كاسيات عاريات يفتنك وأبناءك، لا تسكن في البيت امرأة متبرجة تتبرج أمامك وأمام أبنائك، فكم من بلية حدثت بسبب هذا الاختلاط المزري! فيا عباد الله! اتقوا الله في أنفسكم، وتعاونوا على البر والتقوى، ولا تعاونوا على الإثم والعدوان، {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ}[المائدة:٧٨ - ٧٩].
اللهم! أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل، واجعلنا للمتقين إماماً.
اللهم! طهرنا من عيوبنا، وأعنا على إصلاح أخطائنا، واسترنا في حياتنا وبعد مماتنا وعند لقائك، يا رب العالمين! اللهم! صل وسلم وبارك على نبينا محمد أفضل صلاة وأتم تسليم، اللهم! ارحم أمواتنا وأموات المسلمين يا رب العالمين! وصل اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.