للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (ذلك ومن يعظم حرمات الله)]

قال تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ} [الحج:٣٠] الرقيب عليك في تعظيم حرمات الله هو الله سبحانه، فمن الذي يدري هل أنت أهديت أم لم تهد؟ هل رميت الجمرات أم لم ترم؟ هل عظمت حرمة مكة أم لم تعظمها؟ فلمكة حرمة.

فعلى كل الحجيج أن ينتبهوا إلى هذه الحرمة، الذنوب في مكة تتضاعف، والله يقول في الحرم ككل، وللمعلومية الحرم يشمل مكة بكاملها ويشمل منى أيضاً، فمنى من الحرم، ويشمل أيضاً جزءً من مزدلفة، فكل هذه تنسحب عليها أحكام الحرم، والله يقول: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الحج:٢٥] قال الرسول صلى الله عليه وسلم في شأن مكة: (لا يقطع شجرها، ولا يعضد شوكها، ولا تلتقط لقطتها).

ومعنى: (ولا يقطع شجرها، ولا ينفر صيدها) أي: لا يجوز لك أن تفزع حمامة أمامك وتطيرها، ولا يجوز لك أن تقتل الصيد في الحرم، جرادة موجودة لا يجوز لك أن تقتلها حمامة موجودة لا يجوز لك أن تقتلها شجرة موجودة لا يجوز لك أن تقطع منها ورقة وتعبث بها، هكذا قال الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

فلمكة حرمة يجب أن تراعى، لو وجدت أموالاً في الطريق، فإما أن تتركها، أو تأخذها وتسلمها للأمانات، ليس لك أن تلتقط لقطة مكة أبداً، ففيها تشديد من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

والمدينة كمكة في هذا الشأن قال عليه الصلاة والسلام: (اللهم إن إبراهيم حرم مكة، وإني أحرم المدينة ما بين لابتيها كما حرم إبراهيم صلى الله عليه وسلم مكة) الحديث.

قال الله سبحانه وتعالى: {وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} [الحج:٣٠].

الرجس: يطلق على النجس، والأوثان نجسة، لكن ليست نجاسة حسية وإنما هي نجاسة معنوية.

والزور: يطلق على الشرك، ويطلق على شهادات الزور، وهو عام، وقد علمتم أن الزور من أكبر الكبائر (ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور، فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت).