ومن سبل الوقاية من هذه الفتنة الكبرى التي حذرنا منها رسول الله صلى الله عليه وسلم: اجتناب ما نهى عنه رسولنا محمد عليه الصلاة والسلام، فنحن جميعاً مأمورون بامتثال أمره عليه الصلاة والسلام واجتناب نهيه صلوات الله وتسليماته عليه، فلا يحل لك في حال من الأحوال أن تخلو بامرأة أجنبية، قال النبي صلى الله عليه وسلم:(إياكم والدخول على النساء، قال رجل: أفرأيت الحمو يا رسول الله؟! -أي: قريب الزوج كأخيه وابن عمه ونحو هؤلاء- قال: الحمو الموت)، فلا يجوز لك أن تدخل على امرأة أخيك في غياب أخيك، بل وصفك رسول الله -كما تقدم- بالموت، وقال عليه الصلاة والسلام أيضاً:(لا يخلون رجل بامرأة، فإن ثالثهما الشيطان).
فإذا ذهبت إلى بيت مسلم من المسلمين ولم تجد الرجل في بيته انصرف راجعاً إلى بيتك، خيراً لك من أن تهان، وتعذب بعذاب الله يوم القيامة، فزلة قدم واحدة قد ترديك في جهنم، ولربما أوقعتك في الفاحشة -والعياذ بالله- فتصبح ملوماً من المحسورين، زلة قدم واحدة تزلها في هذا الباب وتقع في فاحشة الزنا -والعياذ بالله- تنكد عليك حياتك، وتقلب أمورك رأساً على عقب، وتكون سبباً في فقرك بعد غناك، وفي ذُلِّك بعد عزك، وفي امتهانك بعد إكرامك، بل وفي جلب النار لك، فإن النبي عليه الصلاة والسلام رأى أناساً عراة رجالاً ونساء في مثل التنور يأتيهم لهب من أسفل منهم، فكلما جاءهم اللهب ضوضوا -أي: صرخوا- فسأل: من هؤلاء؟ قيل له: هؤلاء الزناة والزواني.
فزلة قدم واحدة تنكد عليك عيشك، وتدمر عليك حياتك، وتجعل الأمور مظلمة في وجهك، فاتق الدخول على النساء، وقد يسوّل لك الشيطان أنك مصلح، أو أنك منقذ للأسرة، ويزين لك الدخول بأية حجة ويستدرجك بأي عذر، فاتق الله في نفسك، واتق الله في أعراض المسلمين، والشيطان لا يكتفي بذلك، بل وأيضاً ينسج من حولك، فيذهب للناس وأنت داخل إلى البيت، ويقول لهم -موسوساً-: انظروا إلى هذا الخبيث، دخل بيت هذه المرأة، لماذا دخل؟ ولماذا يدخل كل يوم؟ فالشيطان يأتيك ويحملك على دخول البيوت، وفي الوقت نفسه يذهب إلى الناس ويقول لهم: هذا الرجل دخل بيت فلانة، ولا يدخله إلا لأنه يريد منها شيئاً، فيشوه صورتك أمام إخوانك، ولو أنك ابتعدت عن مواضع الرِّيَب لكان خيراً لك، وخير الهدي وأكمله هدي محمد صلى الله عليه وسلم، إذ قال عليه الصلاة والسلام محذراً:(إياكم والدخول على النساء)، وقال:(لا يخلون رجل بامرأة فإن ثالثهما الشيطان).