ثم إن النبي عليه الصلاة والسلام كان قد قال لأصحابه:(إني أُريت دار هجرتكم، وإنها أرض ذات نخل وأراها اليمامة أو هجر) هجر: التي هي الآن في بلاد السعودية، فما كانت اليمامة ولا هجر بل كانت المدينة، ثم إن الصحابة بدءوا في الهجرة إليها واحداً تلو الآخر، وأراد أبو بكر أن يهاجر وأن يسبق النبي عليه الصلاة والسلام، فطلب منه النبي المكث والصبر، قال:(أترجو يا رسول الله أن تهاجر فأكون صاحباً لك؟ قال: نعم).
ثم إن النبي أتى أبا بكر وكان أبو بكر قد أعد راحلتين راحلة له وراحلة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلفهما أربعة أشهر استعداداً للهجرة، ولمشوارها الطويل، فجاء النبي إلى أبي بكر في الظهيرة.
قالت عائشة: يا أبي قد جاء رسول الله عليه الصلاة والسلام في وقت لم يأتنا فيه، جاءنا في الظهيرة، فقال: ما أتى به إلا أمر قد حدث، فجاء النبي وقال:(قد أُذن لي في الهجرة، قال: الصحبة يا رسول الله، قال: الصحبة يا أبا بكر! فقال: عندي راحلتان خذ إحداهما يا رسول الله! قال عليه الصلاة والسلام -وهو العفيف المتعفف-: بالثمن) فاشتراها النبي من أبي بكر رضي الله تعالى عنه.