أما موقفهم من رسالات الله، فقد قالت فرقة منهم: بإيجاب النبوات بعد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وقالوا: إن النبوة انتقلت لـ علي بن أبي طالب، ومنه إلى الحسن، ومنه إلى الحسين رضي الله عنهم، ثم انتقلت إلى محمد ابن الحنفية، أي: أن النبوة في علي وفي أبنائه الثلاثة، وقالت فرقة منهم: بنبوة رجل يسمى بيان بن سمعان، وكان هذا الرجل المجرم مدعياً للنبوة ومتجلداً فيها، ومعه رجل آخر اسمه المغيرة بن سعيد، وقد أحرقهما خالد بن عبد الله القسري بالنار، فجاء المغيرة بن سعيد إلى النار، فتوجس منها، وجاء بيان بن سمعان فاحتضن النار بقوة، مظهراً التجلد والتثبت فأُحرق إلى غير رحمة الله، وسيده المغيرة بن سعيد جبن عن النار فأحرق بها رغم أنفه، فقال خالد القسري لا تباعهما: إنكم مجانين، كان الأولى أن تجعلوا الإمارة عليكم لـ بيان بن سمعان، وكانوا من حمقهم وخيبتهم وجهلهم يتلون قوله تعالى:(هذا بيان للناس ولينذروا به)، وينزلونها على نبيهم المزعوم! وجاء نبي آخر عندهم يسمى بـ عمير التبان، يقولون في عمير التبان: إنه كان إذا مسك التبن تحول له ذهباً، فعبدوه وألهوه من دون الله عز وجل، وكل فرقة ادعت نبياً يتبع من دون رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويفسرون قوله تعالى:{مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ}[الأحزاب:٤٠] بأنه زينة النبيين؛ لأن الخاتم هو ما يتزين به، ويوردون على ذلك شبهاً مثل حديث:(إن مثلي ومثل الأنبياء قبلي كاللبنة أو كجدار نظر الناس إلى حسنه فرءوا الجدار طيباً إلا موطن لبنة فأنا اللبنة) فيقولون: إن محمداً عليه الصلاة والسلام هو خاتم النبيين أي: زينة النبيين، وليس معناه: أنه لا نبي بعده، وقد كذبوا الخبر الوارد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:(إنه لا نبي بعدي)، وقوله أيضاً:(بعثت أنا والساعة كهاتين)، فهذه دعواهم في مسائل الرسالات.