ولا ينبغي لك في البيت أن تؤذي الجار فتأتي بمذياع أو مسجل يبث الفسق والدعارة؛ فتؤذي به الجار ليلاً ونهاراً، وأنت الآخر لا يليق بك أن تشكو جارك إلى الشرطة الذين لا يرقبون فيه إلّاً ولا ذمة، وتنتهز أي خطأ، وتشكوه إلى الشرطة.
والجيرة لا تقتصر على البيوت، بل في المسجد، فلا ينبغي لك أن تؤذي جارك ولو برفع صوتك بالقرآن، قال النبي عليه الصلاة والسلام:(كلكم مناجٍ ربه، فلا يجهر بعضكم على بعض بالقراءة)، وهذا في المسجد الذي هو بيت الله، والعبادة التي تتقرب بها إلى الله لا ينبغي أن تؤذي بها الجار في المسجد، إذا جلست في المسجد وأخوك يقرأ القرآن، فاخفض صوتك وليخفض صوته؛ حتى لا تشوش عليه، ولا تأت إلى المسجد وأنت آكل للثوم أو البصل فتؤذي جيرانك، ولا تأتِ إلى الجار في السيارة وتدخن السيجارة فتؤذيه، فأنت إذا آذيته تأثم، فلا تشرب السيجارة؛ فتضر نفسك وتضر جليسك الذي بجوارك.
ولا تؤذ مؤمناً في العمل، ففي الأعمال أحقاد بين أهل الوظائف مع أنهم جيران، فالعامل الموظف معك في الوظيفة جار لك، فكونك تذهب إلى رئيسك في العمل، فتشي به وتكيد له؛ حتى تترقى وتأخذ درجة أعلى ما هذه الدرجة؟ ماذا عساك أن تفعل إذا غمست في دركات النار؟ ماذا عساها أن تفعل لك الدرجة الثالثة أو الدرجة الرابعة أو الخامسة وأنت داخل القبر؟ لن تنفعك الإدارة، ولن تنفعك الدرجات، ولن ينفعك الرياء داخل القبر، ولن ينفعك فيه منصبك ولا جاهك.
فاتق الله في جارك في الوظيفة، وفي جارك في السفر، وفي جارك في البيت، وفي جارك في العمل، فتلك وصية نبيكم محمد عليه الصلاة والسلام، بل تلك وصية الله لنا في آية الوصايا العشر:{وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا}[النساء:٣٦]، إلى قوله {وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ}[النساء:٣٦].
إخوة أفاضل ملتحون يخرج أحدهم من بيته إلى المسجد لعبادة الله، يمر على جاره ولا يلقي عليه السلام، فتخاطبه فيقول: يا هذا! اتركهم، إنهم كذا وكذا، ويختلق مائة عيب؛ حتى يبرر لنفسه ما ذهب إليه من مذهب، والعياذ بالله!