[تعليم الأولاد آداب الاستئذان]
ومما ينبغي أن يربى عليه الأولاد: الاستئذان: علم ولدك الاستئذان كما في قوله تعالى في هذه الآيات الذي فرط الناس في العمل بها: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ} [النور:٥٨]، فينبغي على الأب يعلم ولده الاستئذان في هذه الأوقات الثلاث، فلو أن الأب والأم في غرفة النوم قبل الفجر، أو في الظهيرة، أو من بعد صلاة العشاء فعليهما أن يعلما الأبناء الاستئذان ولا يفتحان الباب مباشرة، حتى لا ترتسم صورة في ذهن الطفل فيخرج يطبقها مع أخته أو مع أخيه، فأمر الله بالاستئذان في هذه الأوقات حتى تبقى تصورات الأطفال نظيفة وبعيدة عن التشويش والفساد.
وهذا يسوقنا إلى منع الأطفال عن الأفلام التي تعرض في التلفزيونات، وقد امتلأت بالدعارة والرقص والفساد، فالطفل يملأ سمعه وبصره وفؤاده بالمناظر التي يراها من هذا التلفزيون الفاسد، فيخرج يطبقها مع أخته وجارته، وهذا من أهم الأمور التي يجب أن تراعى وهي: إبعاد الأطفال عن التلفزيونات والمسلسلات الخليعة وما ينشر فيها من الفساد، فإن هذا يهدم كثيراً مما تبنيه.
فأنت تعلم الولد: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ} [الناس:١ - ٣] فيضيع هذا التعليم أمام التلفاز وما يعرض فيه من الفساد، فيدمر كل ما علمته إياه.
فجديرٌ بكل أب يريد أن يحافظ على أولاده أن يبعد التلفزيون من بيته جملة واحدة؛ فإن النفع الذي فيه لا يشكل أدنى نسبة بالنسبة للشر الذي فيه، فجدير بكل أب غيور وإن كانت هناك بعض الأشياء التي يراها منافع من التلفزيون؛ أن يبعد التلفزيون جملة وتفصيلاً من البيت سداً للذريعة الموصلة إلى الفساد، وهذا من أهم الأمور التي يركز عليها في تربية الأطفال، فينبغي أن يكون مشرب الأطفال مشرباً واحداً ألا وهو كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
أما إن تعددت المشارب التي يشرب منها الطفل، فالشهوات -والعياذ بالله- لها قبول عند كثير من الناس، فعندما تجد الشهوات القلب فارغاً من كتاب الله ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فإنها تتمكن منه، فجديرٌ بالشخص أن يبعد أولاده تماماً عن هذه التلفزيونات.
وينبغي على الآباء أ، يعلموا أولادهم معالي الأمور، فقد كان أصحاب رسول الله يمرنون أبناءهم على معالي الأمور، بل تخيل أن الصحابي كـ ابن عمر رضي الله عنه يقول: عرضت للجهاد في أحد وأنا ابن أربع عشرة سنة -يريد أن يمسك سيفاً ويبدأ في قتال الكفار وهو في هذا السن- فردني رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم عرضت عليه في العام المقبل يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
انظر ابن خمس عشرة سنة يشارك في القتال مباشرة.
وقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: كنت جالساً مع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فسأل النبي أصحابه سؤالاً فقال: (إن من الشجر شجرة مثلها مثل المؤمن، فأخبروني ما هي؟)، فوقع الناس في شجر البوادي، ووقع في نفسي أنها النخلة، فجئت أتكلم وأقول: هي النخلة يا رسول الله! فإذا أنا أصغر القوم، فامتنعت عن الكلام، فقال الرسول: (هي النخلة)، فقلت لأبي: يا أبتي! قد وقع في نفسي أنها النخلة، فقال: لو قلتها لكان أحب إلي من حمر النعم.
بمَ يفرح عمر؟ هل يفرح لأن ولده أتى بـ (١٠٠%) في الثانوية، أم يفرح لأن الولد أجاب على مسألة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم؟