رابعاً: من الأسباب التي تعين على صلاح الأولاد: مداعبتهم وملاطفتهم بما يناسب سنهم: ومع التعويذ تبدأ مسألة الملاطفة مع الأطفال في صغرهم، ولنبينا صلى الله عليه وسلم هديٌ واسع في هذا الجانب، فالولد لا يتحمل التعليم لأول وهلة، إنما تمر عليه فترة يكتشف فيها، ومن ثم يعطى الجرعة المناسبة له من التعليم.
قد كان النبي صلى الله عليه وسلم لطيفاً رقيقاً مع الأطفال عليه الصلاة والسلام، فقد جاءه رجلٌ من بني تميم فرآه يقبل بعض أبنائه، فقال: يا رسول الله! تقبلون أبناؤكم؟! إن لي عشرة من الولد لم أقبل أحداً منهم قط، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم:(وما أملك لك إن كان الله قد نزع الرحمة من قلبك) فكان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل الأطفال، ويداعبهم عليه الصلاة والسلام.
قال أنس بن مالك رضي الله عنه: كان لي أخٌ يقال له: أبو عمير، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي إليه فيقول:(يا أبا عمير! ما فعل النغير؟) كان لـ أبي عمير طائر يربطه ويلعب معه، وكلما ذهب الرسول صلى الله عليه وسلم إلى البيت ناداه: يا أبا عمير!، وكناه بهذه الكنية؛ ففيه جواز تكنية الصغير، أي: يجوز لك أن تكني ابنك وهو صغير، وهذه سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذهب إليهم النبي صلى الله عليه وسلم يوماً فرآه حزيناً فقال:(يا أبا عمير! ما فعل النغير؟ فقالوا: مات النغير يا رسول الله!) فالشاهد: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمازح هذا الطفل ويداعبه؛ إذ سنه وعمره لا يتحمل إلا هذه المداعبة وهذا التلطف، وكناه النبي صلى الله عليه وسلم باسم يحبه، ولذلك يلزمك أن تختار لولدك اسماً طيباً حتى لا تسبب له ألماً بعد ذلك، والرسول صلى الله عليه وسلم كما لا يخفى عليكم غير اسم عاصية إلى جميلة، فيسن أن تختار للولد اسماً طيباً حتى يشكرك بعد ذلك ولا يتأذى من اسمه أمام الناس، ويسن أيضاً أن تعق عنه لحديث النبي صلى الله عليه وسلم:(يعق عن الغلام بشاتين، وعن الجارية بشاة).
فالشاهد: أن الرسول كان يتلطلف مع الصبيان.
قال أنس:(خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين فلم يقل لشيء صنعته: لم صنعته؟ ولا لشيء تركته: لما تركته).
وكان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقاً عليه الصلاة والسلام.