للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم الاحتفال بالإسراء والمعراج]

إن الإسراء والمعراج، نقول: الإسراء والمعراج حق، ولا شك في هذا ولا مراء، وقد ثبت ذلك بالكتاب وبالسنة وبالإجماع، فقد أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي بورك حوله، ثم عُرج به إلى السماوات، وهنالك فرضت الصلوات، وهذا ثابت بالكتاب وبالسنة وبالإجماع، ثم إن جمهور أهل السنة على أن الإسراء كان بروح الرسول وجسده، وكان ذلك يقظة كذلك، وهذا ما عليه جمهور أهل السنة والجماعة وفقهم الله لكل خير.

وقد أراه الله سبحانه آيات عجائب، وأراه الأنبياء، وكانت هذه الحادثة فتنة للناس، وفتنة لمن في قلبه مرض، أما أهل الإيمان فيعلمون أن الله على كل شيء قدير، ثم كان فيها من وجوه الإعجاز ما كان فيها، فكانت فيها جملةُ وجوه من وجوه الإعجاز.

ومن هذه الوجوه: أن النبي عليه الصلاة والسلام لما كذبته قريش وسألته عن المسجد الأقصى، قالت له: تزعم أنك ذهبت إلى المسجد الأقصى وصليت بالأنبياء فيه، فصف لنا هذا المسجد؟ ولم يكن النبي قد أدركه إدراكاً كاملا، فجلّى الله له المسجد الأقصى فرآه رأي عين، فطفق يصفه لهم وصفاً دقيقاً فتعجبوا وقالوا: أما الوصف فقد صدق فيه.

صلى الله عليه وسلم.

فلا شك ولا امتراء أن قضية الإسراء والمعراج حق.

ولكن لم يثبت سندٌ ببيان تاريخ هذه الحادثة، فهل هي في ليلة السابع والعشرين من رجب؟ أم هي في شهر ربيع؟ أم هي في ذي القعدة؟ أم هي في شعبان؟ أم في أوائل رجب؟ فلم يثبت بذلك خبرٌ عن المعصوم عليه الصلاة والسلام، ولا عن أحدٍ من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، بيد أنها وقعت إجماعاً كما بينا، ثم على فرض ثبوت تاريخ هذه الليلة، لم يرد أن النبي صلى الله عليه وسلم احتفل بها، ولم يرد أن الصحابة من بعد رسول الله احتفلوا بها وجعلوها عيداً كما يصنع الناس الآن، ولم يرد أن التابعين احتفلوا بذلك، ولا أتباع التابعين، ولم يرد أن أصحاب المذاهب الفضلاء الأربعة احتفلوا بها، والغالب على الظن أن الذين أدخلوها هم المنسوبون كذباً على فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين يقال لهم: (الفاطميون) وهم البرابرة الذين أتوا من المغرب واستوطنوا مصر فأحدثوا فيها، وأدخلوا في الدين ما ليس منه، وأدخلوا في الدين هذه البدع والخرافات والترهات التي تجدونها في الموالد التي يُشرك بها بالله، ويسأل من غير الله المدد، فضلاً عما فيها من البدع.

فمن كان مقتدياً برسوله محمد فليقتد به في سنته، قال تعالى:: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران:٣١]، أما أن تزعم محبة هذا الرسول وأنت تعصي أمره، وتزعم المحبة وأنت تشتري الحلوى وتشارك في البدع والمنكرات فليست تلك بمحبةٍ لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وليست من اتباع السنن بحال من الأحوال.