هل من حق الزوج على زوجته أن تتزين له، أم أن ذلك من المستحبات وليس من الواجبات؟ ليس هناك دليل يوجب على المرأة أن تتزين لزوجها، إنما زينتها للزوج من باب المستحب لها فقط واتباع آثار السلف الصالح؛ فـ عائشة رضي الله تعالى عنها تقول:(استعرت قلادة من أسماء) والقلادة هي العقد، وذلك كي تتزين بها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكرت الحديث الطويل الذي فيه فقدانها للقلادة، ثم عثورها على القلادة، فقالت عائشة رضي الله تعالى عنها لبعض التابعين: انظر إلى ثوبي هذا إن جاريتي هذه تستنكف أن تلبس هذا الثوب وما كانت امرأة بالمدينة تقيم -أي: تزف- لزوجها إلا أرسلت إليّ تستعيره مني، وهذه الجارية تأنف أي تستكبر أن تلبس هذا الثوب.
فيجرنا هذا إلى بحث فقهي سريع مختصر وهو: ما هو حكم استعارة الزوجة لثياب كي تتزين بها لزوجها؟ هل يشرع لها أن تستعير من امرأة أخرى ثياباً تتزين بها للزوج؟ الظاهر أن ذلك يجوز، لكن في أمر الثياب تفصيل، فثم ثوب من الثياب إذا استعارته امرأة كي تتزين به لزوجها وأخبرت زوجها لمن هذا الثوب، وخاصة تلكم الثياب الداخلية؛ فإن زوجها يتصور المرأة التي تلبس هذا الثوب، فيكون المنع من قبل حديث رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم:(لا تنعت المرأة المرأة لزوجها كأنه ينظر إليها، ولا تباشر المرأة المرأة فتنعتها لزوجها كأنه ينظر إليها) ففي مثل هذه الحالة عندما تصف له امرأة أخرى بهذا الفعل فقد تثير فيه الشر وتحرك فيه الفساد، فالنصوص العامة حينئذٍ تمنع من مثل هذا.
وإن لم يكن في المسألة نص خاص من كتاب الله ولا من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن ثم ثياب عامة تستعار كفساتين العرس أو الزفاف التي تزف بها المرأة، فإنها لا تكاد تصور امرأة ما بعينها وبشخصها، فالمناط مع هذا إن وجد الشر والفساد والوصف امتنعت الاستعارة، وإن لم يوجد ما يهيج على الفساد ويعين على الرذيلة فالأصل فيه الإباحة لما سمعتموه من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، ومن فعل فعلها، فيجوز حينئذٍ للمرأة أن تستعير الثياب والقلائد، وأن تستعير الخواتيم، تتزين بها لزوجها، وليست نساؤنا بخير من نساء رسولنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم.